قال : وسمعت محمّد بن عبد الله بن محمّد بن طيفور (١) يقول في قول إبراهيم عليهالسلام : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ...) : إنّ الله ـ عزوجل ـ أمر إبراهيم أن يزور عبدا من عباده الصالحين ، فزاره. فلمّا كلّمه قال : إنّ لله ـ تبارك وتعالى ـ في الدنيا عبدا يقال له إبراهيم ، اتّخذه خليلا! قال إبراهيم : وما علامة ذلك العبد؟ قال : يحيى له الموتى! فوقع لإبراهيم أنّه هو (٢). فسأل الله أن يحيي له الموتى! (قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) يعني على الخلّة.
ويقال : إنّه أراد أن يكون له في ذلك معجزة ، كما كانت للرسل ، وإنّ إبراهيم سأل ربّه أن يحيي له الموتى ، فأمره الله ـ عزوجل ـ أن يميت لأجله الحيّ سواء بسواء. وهو أنّه لمّا أمره بذبح ابنه إسماعيل ، أمره أن يذبح أربعة من الطير : طاووسا ونسرا وديكا وبطّا.
فالطاووس ، يريد به زينة الدنيا. والنسر ، يريد به الأمل الطويل. والبطّ ، يريد به الحرص. والديك يريد به الشهوة.
يقول الله ـ عزوجل ـ : إن أحببت أن يحيى قلبك ويطمئنّ معي ، فاخرج عن هذه الأشياء الأربعة ، فإنّه إذا كانت هذه الأشياء في قلب ، فإنّه لا يطمئنّ معي.
قال الصدوق : وسألت ابن طيفور : كيف قال : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) مع علمه تعالى بسرّه وحاله؟! فقال : إنّه لمّا قال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) كان ظاهر هذه يوهم أنّه لم يكن يتيقّن ، فقرّره الله بسؤاله عنه ، إسقاطا للتهمة عنه ، وتنزيها له من الشكّ (٣).
[٢ / ٧٦٢٦] وأيضا روى الصدوق بالإسناد إلى عليّ بن محمّد بن الجهم (٤) ـ في حديث طويل ـ عن الإمام عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام أنّ مأمون العبّاسي سأله عن قول إبراهيم عليهالسلام : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ
__________________
(١) مجهول.
(٢) أي أنّ ذلك العبد هو إبراهيم نفسه.
(٣) الخصال ١ : ٢٦٥ ـ ٢٦٦ / ١٤٦ ؛ البحار ١٢ : ٦٢ ـ ٦٣ / ٧ و ٩. جاء في هامش البحار ـ هنا ـ : هذا تأويل للآية ذكره ابن طيفور من عند نفسه ، لم يصحّحه خبر ولا رواية. ولعلّه تأويل لانتخاب تلك الطيور الأربعة! وراجع كتابيه : العيون ١ : ١٧٤ و ١٧٦ / ١ باب ١٥ ، والتوحيد : ١٣٢ / ١٤ باب ٩ ، والبحار ١١ : ٧٩ ـ ٨٠ / ٨ باب ٤ ، والعيّاشي ١ : ١٦٢ و ١٦٥ ـ ١٦٦ / ٤٧١ و ٤٧٨ والبرهان ١ : ٥٥٠ / ٢ ، ونور الثقلين ١ : ٢٧٥ ـ ٢٧٨.
(٤) شهد أبو جعفر الصدوق بشأنه : أنّه كان شديد العداء لآل البيت. قال بعد أن نقل عنه الحديث بطوله : هذا الحديث غريب من طريق عليّ بن محمّد بن الجهم ، مع نصبه وبغضه لأهل البيت عليهمالسلام. (العيون ١ : ١٦٢).