تُحْيِ الْمَوْتى ...) فقال عليهالسلام : «إنّ الله تعالى كان أوحى إلى إبراهيم أنّي متّخذ من عبادي خليلا ، إن سألني إحياء الموتى أجبته! فوقع في نفس إبراهيم أنّه هو ذلك الخليل ، فقال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) على الخلّة! (قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
فأخذ إبراهيم عليهالسلام نسرا وطاووسا وبطّا وديكا ، فقطّعهنّ وخلطهنّ ، ثمّ جعل على كلّ جبل من الجبال الّتي حوله ، وكانت عشرة ، منهنّ جزء ، وجعل مناقيرهنّ بين أصابعه ، ثمّ دعاهنّ بأسمائهنّ ، ووضع عنده حبّا وماء ، فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض ، حتّى استوت الأبدان ، وجاء كلّ بدن حتّى انضمّ إلى رقبته ورأسه ، فخلّى إبراهيم عن مناقيرهنّ ، فطرن ، ثمّ وقعن فشربن من ذلك الماء ، والتقطن من ذلك الحبّ ، وقلن : يا نبيّ الله أحييتنا أحياك الله! فقال إبراهيم : بل الله يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير» (١).
قلت : وممّا يثير الريب أن يكون مثل ابن الجهم ـ شاخصة العداء لآل البيت ـ راويا لمثل هذا الخبر الغريب ، ونسبته إلى علم من أعلام هذا البيت الرفيع! أو لا يكون هناك عمد إلى تشويه سمعة ألمع إمام من أئمّة المسلمين ، وليدرج ضمن سائر المحدّثين المكثرين من أهل الحشو؟! وحاشاه!
الأمر الّذي جعلنا نتريّث في الخبر ونسبته إلى مثل هذا الإمام الهمام وقد قال تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)(٢).
وناهيك أن تلحظ ما سجّلناه بشأن الكذّابين على الأئمّة ، تشويها لسمعتهم المجيدة.
[٢ / ٧٦٢٧] كما قال الإمام أبو عبد الله الصادق عليهالسلام : «إنّا أهل بيت صادقون ، لا نخلو من كذّاب يكذب علينا ، فيسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس» (٣).
[٢ / ٧٦٢٨] وقال الإمام أبو الحسن الرضا عليهالسلام مخاطبا لإبراهيم بن أبي محمود ـ في حديث طويل ـ : «يا ابن محمود ، إنّ مخالفينا وضعوا أخبارا في فضائلنا ، وجعلوها على ثلاثة أقسام ،
__________________
(١) العيون ١ : ١٥٧ باب ١٥ / ١. وهكذا رواه بنفس الطريق في كتاب التوحيد : ١٣٢ / ١٤ ، باب ٩ (القدرة) ؛ الاحتجاج ٢ : ٢١٥ ـ ٢١٨ ، رواه مرسلا ؛ البحار ١١ : ٧٩ ـ ٨٠ باب ٤ ، عن العيون والاحتجاج.
(٢) الحجرات ٤٩ : ٦.
(٣) رجال الكشّي ٢ : ٥٩٣.