[٢ / ٧٥٣٧] وأخرج ابن جرير عن محمّد بن إسحاق قال : ذكر لنا ـ والله أعلم ـ : أنّ نمروذ قال لإبراهيم فيما يقول : أرأيت إلهك هذا الّذي تعبده ، وتدعو إلى عبادته ، وتذكر من قدرته الّتي تعظّمه بها على غيره ، ما هو؟ قال له إبراهيم : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ!) قال نمروذ : فأنا أحيي وأميت! فقال له إبراهيم : كيف تحيي وتميت؟ قال : آخذ رجلين قد استوجبا القتل في حكمي ، فأقتل أحدهما فأكون قد أمتّه ، وأعفو عن الآخر فأتركه وأكون قد أحييته! فقال له إبراهيم عند ذلك : (فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ) أعرف أنّه كما تقول! فبهت عند ذلك نمروذ ، ولم يرجع إليه شيئا ، وعرف أنّه لا يطيق ذلك. يقول تعالى ذكره : (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) يعني وقعت عليه الحجّة ، يعني نمروذ (١).
***
وهناك روايات ، لعلّها أشبه بالإسرائيليّات :
[٢ / ٧٥٣٨] أخرج ابن جرير عن عبد الرحمان بن زيد بن أسلم في قول الله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) قال : هو نمروذ ، كان بالموصل! والناس يأتونه ، فإذا دخلوا عليه ، قال : من ربّكم؟ فيقولون : أنت ، فيقول : ميروهم! فلمّا دخل إبراهيم ، ومعه بعير خرج يمتار به لولده! قال : فعرضهم كلّهم ، فيقول : من ربّكم؟ فيقولون : أنت ، فيقول : ميروهم! حتّى عرض إبراهيم مرّتين ، فقال : من ربّك؟ قال : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) قال : (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) إن شئت قتلتك فأمتّك ، وإن شئت استحييتك. (قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ). قال : أخرجوا هذا عنّي فلا تميروه شيئا! فخرج القوم كلّهم قد امتاروا ، وجوالقا إبراهيم يصطفقان (٢) ، حتّى إذا نظر إلى سواد جبال أهله ، قال : ليحزنني صبيّاي إسماعيل وإسحاق!! لو أنّي ملأت هذين الجوالقين من هذه البطحاء فذهبت بهما قرّت عينا صبيّتي ، حتّى إذا كان الليل أهرقته! قال : فملأهما ثمّ خيّطهما ، ثمّ جاء بهما ، فترامى عليهما الصبيان فرحا ، وألقى رأسه في حجر سارة ساعة ، ثمّ قالت : ما يجلسني! قد جاء إبراهيم تعبا لغبا ، لو قمت صنعت له
__________________
(١) الطبري ٣ : ٣٩ / ٤٥٨٩ ؛ تاريخ الطبري ١ : ١٦٨ ، بخلاف يسير.
(٢) أي يصرخان جوعا وفراغا.