فالطلاق في الصورة الأولى عن رغبة الزوج. وفي الصورة الثانية عن رغبة الزوجة. وفي الصورة الثالثة عن رغبتهما معا.
فهل الطلاق في الصور الثلاث جميعا بيد الرجل محضا ورهن إرادته ، إن شاء فارقها وخلّى سبيلها. وإن شاء أمسكها ضرارا ، ولا شأن للمرأة ولا لوليّ أمرها في خلاص نفسها؟! الأمر الّذي يجب التريّث لديه!!
وإليك بعض الكلام حول هذه المسألة الخطيرة :
[٢ / ٦٧٥٠] جاء في الحديث النبويّ المستفيض : أنّ جميلة بنت أبيّ بن سلول ، تزوّجها ثابت بن قيس بن شماس ، وكان رجلا دميما (كريه المنظر) وأصدقها حديقة ، فلمّا رآها كرهته كراهة شديدة ، فجاءت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأبدت كراهتها له وقالت : إنّى لأكرهه لدمامته وقبح منظره حينما رأيته ، وزادت : إنّي لو لا مخافة الله لبصقت في وجهه ؛ قالت : إنّي رفعت الخباء فرأيته مقبلا في عدّة ، فإذا هو أشدّهم سوادا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجها! قالت : والله ، لا يجمع رأسي ورأسه وسادة! فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أتردّين عليه حديقته؟ قالت : نعم ، وأزيده. قال لها النبيّ : لا ، حديقته فقط ، فردّت عليه حديقته. ففرّق بينهما رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ويبدو أنّ ذلك كان بمغيب عن الرجل ، وذلك لأنّ الرواية ذكرت أنّه لمّا بلغه قضاء رسول الله وحكمه بالفراق بينهما قال : قد قبلت قضاء رسول الله.
قال ابن عبّاس : وكان أوّل خلع وقع في الإسلام (١).
[٢ / ٦٧٥١] وهكذا روي مستفيضا بشأن زوجته الأخرى حبيبة بنت سهل بن ثعلبة الأنصاري ، كانت تحت ثابت بن قيس هذا ، أخرج أبو داوود وعبد الرزّاق وابن جرير والبيهقي وأناس غيره من طريق عمرة عن عائشة ، أنّ ثابت بن قيس كان سيّء الخلق ذميما بالإضافة إلى كونه دميما كريه المنظر. وكان يضربها ضربا وجيعا حتّى كسر يدها ، فأتت عند باب رسول الله في الفلس ، وأنّ
__________________
(١) راجع : البخاري ٧ : ٦٠ ، كتاب الطلاق باب ١٢ ، (الخلع وكيف الطلاق فيه) وشرحه فتح الباري ٩ : ٣٤٦ ـ ٣٥٥. وابن ماجة ١ : ٦٦٣ باب المختلعة تأخذ ما أعطاها. وأبو داوود ١ : ٤٩٦ / ٢٢٢٧ والموطّأ ٢ : ٥٦٤ / ٣١ والأمّ ٣ : ٢٢٢ ؛ مسند أحمد ٤ : ٣ ؛ النسائي ٣ : ٣٦٩ / ٥٦٥٧ ؛ البيهقي ٧ : ١٣١٣ ؛ الطبري ٢ : ٦٢٦ ؛ كنز العمّال ٦ : ١٨٥ / ١٥٢٧٩ ؛ الثعلبي ٢ : ١٧٤ ؛ البغوي ١ : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ؛ الدرّ ١ : ٦٧٢ ؛ مجمع الزوائد ٥ : ٤ ـ ٥.