[٢ / ٧٥٣٤] وقال عليّ بن إبراهيم في الآية : لمّا ألقى نمرود إبراهيم عليهالسلام في النار وجعلها الله عليه بردا وسلاما ، قال نمرود : يا إبراهيم من ربّك؟ قال : ربّي الّذي يحيي ويميت (١). قال نمرود : أنا أحيي وأميت (٢)! فقال له إبراهيم : كيف تحيي وتميت؟ قال : أعمد إلي رجلين ممّن قد وجب عليهما القتل ، فأطلق عن واحد وأقتل الآخر فأكون قد أحييت وأمتّ! فقال إبراهيم : إن كنت صادقا (٣) فأحي الّذي قتلته! ثمّ قال عليهالسلام : دع هذا ، فإنّ ربّي يأتي بالشمس من المشرق ، فأت بها من المغرب! فكان كما قال الله عزوجل : (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) أي انقطع ، وذلك أنّه علم أنّ الشمس أقدم منه (٤)(٥).
قال أبو عليّ الطبرسي : قيل في انتقاله من حجّة إلى أخرى وجهان : أحدهما : أنّ ذلك لم يكن انتقالا وانقطاعا عن إبراهيم ، فإنّه يجوز من كلّ حكيم إيراد حجّة أخرى على سبيل التأكيد بعد تمام ما ابتدأ به من الحجاج وعلامة تمامه ، ظهوره من غير اعتراض عليه ، بشبهة لها تأثير عند التأمّل والتدبّر. والثاني : أنّ إبراهيم إنّما قال ذلك ليبيّن أنّ من شأن من يقدر على إحياء الأموات وإماتة الأحياء ، أن يقدر على إتيان الشمس من المشرق ، فإن كنت قادرا على ذلك فأت بها من المغرب ، وإنّما قال ذلك ، لأنّه لو تشاغل معه بأنّي أردت إبداع الحياة والموت من غير سبب ولا علاج ، لاشتبه على كثير ممّن حضر ، فعدل عليهالسلام إلى ما هو أوضح ، لأنّ الأنبياء عليهمالسلام إنّما بعثوا للبيان والإيضاح ، وليست أمورهم مبنيّة على لجاج الخصمين وطلب كلّ واحد منهما غلبة خصمه. وقد روي عن الصادق عليهالسلام أنّ إبراهيم عليهالسلام قال له : أحي من قتلته إن كنت صادقا ، ثمّ استظهر عليه بما قاله ثانيا (٦).
[٢ / ٧٥٣٥] وقال مقاتل بن سليمان في قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) : هو
__________________
(١) أي الّذي بيده الحياة والموت.
(٢) أي أنا أيضا أستطيع الإحياء والإماتة ، ولكنّه غالط وخلط بين الإيجاد والإبقاء ، فحسب من الإبقاء ـ وهو تداوم الوجود ـ إيجادا.
(٣) أي في دعواك القدرة على التصرّف في الكائنات.
(٤) أي خارجة عن طوع إرادته.
(٥) القمّي ١ : ٨٦ ؛ البحار ١٢ : ٣٤ / ٩ ، باب ٢.
(٦) مجمع البيان ٢ : ١٦٨ ـ ١٦٩.