الشرود عن طريق الله السويّ المستقيم ، والتلقّي من غير الله ، والاحتكام لغير منهج الله. وما يترك الإنسان نور الله الواحد غير المبعثر ، نور الحقّ الواحد غير الملتبس ، حتّى يدخل في الظلمات من شتّى الأنواع وشتّى الأصناف ومختلف الملتبسات ، وكلّها متائد وظلمات! (١).
والعاقبة هي اللّائقة بأصحاب الظلمات : (أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ) وإذ لم يهتدوا بالنور ، فليخلدوا إذن في النار!
إنّ الحقّ واحد لا يتعدّد ولمّة لا تتبعثر ، والضلال ألوان وأنماط ، فماذا بعد الحقّ إلّا الضلال؟!
***
قوله : (الطَّاغُوتُ) من أوزان المصادر ، جعل علما على الكفر وكلّ منشأ فساد في الأرض ، ويطلق على الواحد والجمع والمذكّر والمؤنّث ، كشأن المصادر ، وفي الآية أريد به الجمع ، بدليل عود ضمير الجمع إليه (٢).
وجاء تفسير الطاغوت بالشيطان يوحي إلى أوليائه زخرف القول غرورا.
[٢ / ٧٤٩٧] فقد روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه سئل عن الطواغيت؟ فقال : هم كهّان ، تنزل عليهم الشياطين.
[٢ / ٧٤٩٨] وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه ـ وقد سئل عن الطواغيت الّتي كانوا يتحاكمون إليها ـ فقال : كان في جهينة واحد ، وفي بني أسلم واحد ، وفي كلّ حيّ واحد ، وهي كهّان ينزل عليها الشيطان (٣).
[٢ / ٧٤٩٩] وكذا عن مجاهد ، قال : الطاغوت ، الشيطان في صورة الإنسان ، يتحاكمون إليه ، وهو صاحب أمرهم (٤).
[٢ / ٧٥٠٠] وعن الضحّاك والشعبي أيضا : إنّه الشيطان (٥).
[٢ / ٧٥٠١] وعن ابن جريج ، قال : كهّان تنزل عليها شياطين يلقون على ألسنتهم وقلوبهم (٦).
__________________
(١) في ظلال القرآن ١ : ٤٢٨ ؛ ٤٢٩.
(٢) راجع : مجمع البيان ٢ : ٣٦٣ ؛ الدرّ ٢ : ٢٢.
(٣) الطبري ٣ : ٢٨ / ٤٥٦٢.
(٤) الطبري ٣ : ٢٧ / ٤٥٥٣ ، و ٤ : ١٨٣ / ٧٧٢٤ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٩٥ / ٢٦٢١.
(٥) الطبري ٣ : ٢٧ / ٤٥٥٥ و ٤٥٥٤.
(٦) المصدر : ٢٨ / ٤٥٦٢.