دخلت بنا على هذا النبيّ فسألناه عن أمر دابّتنا فيرشدنا ويدعو لنا فيها بخير. فقال طالوت : ما بما قلت من بأس ، فدخلا عليه ، فبينما هما عنده يذكران له شأن دابّتهما ويسألانه أن يدعو لهما فيها إذ نشّ الدهن الّذي في القرن ، فقام إليه النبيّ فأخذه ، ثمّ قال لطالوت : قرّب رأسك فقرّبه ، فدهنه منه ثمّ قال : أنت ملك بني إسرائيل الّذي أمرني الله أن أملّكك عليهم ، وكان اسم طالوت بالسريانيّة (١) شاول بن قيس بن أشال بن ضرار بن يحرب بن أفيح بن أنس بن يامين بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، فجلس عنده وقال للناس : ملك طالوت! فأتت عظماء بني إسرائيل نبيّهم فقالوا له : ما شأن طالوت تملّك علينا وليس من بيت النبوّة ولا المملكة ، وقد عرفت أنّ النبوّة والملك في آل لاوي وآل يهوذا؟! فقال لهم : (إِنَّ اللهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ)(٢).
[٢ / ٧٣١٦] وقال مقاتل بن سليمان في قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى) وذلك أنّ كفّار بني إسرائيل قهروا مؤمنيهم فقتلوهم وسبوهم وأخرجوهم من ديارهم وأبنائهم فمكثوا زمانا ليس لهم ملك يقاتل عدوّهم والعدوّ بين فلسطين ومصر (إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ) فقالوا لنبيّ لهم عليهالسلام اسمه إشماويل وهو بالعربيّة إسماعيل بن هلقابا واسم أمّه حنّة وهو من نسل هارون بن عمران أخو موسى : (ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ) عدوّنا (فِي سَبِيلِ اللهِ قالَ) لهم نبيّهم (هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ) بعث الله لكم ملكا و (كُتِبَ) يعني وفرض (عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وَأَبْنائِنا فَلَمَّا كُتِبَ) أي فلمّا فرض كقوله ـ سبحانه ـ : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ) يعني فرض عليكم (عَلَيْهِمُ الْقِتالُ) يعني على بني إسرائيل (تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) يعني كره القتال العصابة الّذين وقفوا في النهر (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) يعنيهم لقولهم : (لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ) وكان القليل أصحاب الفرقة ثلاثمائة وثلاثة عشر عدد أصحاب بدر. وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر : إنّكم على عدد أصحاب طالوت (٣).
__________________
(١) سبق أنّ طالوت نعته ، حيث كان طويلا جدّا.
(٢) الدرّ ١ : ٧٥٠ ـ ٧٥٣ ؛ الطبري ٢ : ٨٠٧ ـ ٨١٥ / ٤٣٩٢ و ٤٣٩٧ ؛ الثعلبي ٢ : ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ؛ البغوي ١ : ٣٣١ ـ ٣٣٣ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٦٣ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٣٤٩ ـ ٣٥١.
(٣) تفسير مقاتل ١ : ٢٠٤ ـ ٢٠٥.