قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) قيل : نزلت بشأن الإنفاق على غير أهل الملّة ، حينما تحرّج المسلمون من التصدّق على غير المسلمين ، رجاء أن يرغبوا في الإسلام.
[٢ / ٧٧٩٠] أخرج ابن جرير عن ابن عبّاس قال : كان أناس من الأنصار لهم أنسباء وقرابة من قريظة والنضير ، وكانوا يتّقون أن يتصدّقوا عليهم ويريدونهم أن يسلموا ، فنزلت : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ ...) الآية (١).
[٢ / ٧٧٩١] وأخرج عن الربيع قال : كان الرجل من المسلمين إذا كان بينه وبين الرّجل من المشركين قرابة وهو محتاج لا يتصدّق عليه ، يقول : ليس من أهل ديني ، فنزلت : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ ...)(٢).
[٢ / ٧٧٩٢] وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله : (وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ) قال : إذا أعطيت لوجه الله فلا عليك ما كان عمله (٣). أي دينه وطريقته.
[٢ / ٧٧٩٣] وأخرج أبو إسحاق الثعلبي عن الكلبي ، قال : كان ناس من المسلمين كانت لهم رضّاع (٤) في اليهود وكانوا ينفقون عليهم قبل أن يسلموا. فلمّا أسلموا كرهوا أن ينفقوا عليهم وأرادوهم أن يسلموا ، فاستأمروا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فنزلت هذه الآية ، فأعطوهم بعد نزولها (٥).
[٢ / ٧٧٩٤] وأخرج عنه أيضا قال : اعتمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عمرة القضاء ، وكانت معه في تلك العمرة أسماء بنت أبي بكر ، فجاءتها أمّها قتيلة وجدّتها تسألانها وهما مشركتان ، فقالت : لا أعطيكما شيئا
__________________
(١) الدرّ ٢ : ٨٧ ؛ الطبري ٣ : ١٣٠ ـ ١٣١ ، بعد رقم ٤٨٥٥ ؛ القرطبي ٣ : ٣٣٧.
(٢) الدرّ ٢ : ٨٧ ؛ الطبري ٣ : ١٣١ / ٤٨٥٧.
(٣) الدرّ ٢ : ٨٨ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٥٣٩ / ٢٨٦٠ ؛ ابن كثير ١ : ٣٣١.
(٤) الرّضّاع : جمع الراضع ، وهو الّذي يسأل الناس استرحاما ليستدرّ منهم بالإنفاق عليه ، فكأنّه يرضعهم ، والمقصود من الرّضّاع في قول الكلبي هم قرابات وأصهار للأنصار كانوا من اليهود ، وكانوا معتازين ، وكان الأنصار ينفقون عليهم قبل ظهور الإسلام في المدينة ، فلمّا أن ظهر الإسلام أمسكوا بغية أن يسلموا ويدخلوا في حظيرة الإسلام.
(٥) الثعلبي ٢ : ٢٧٤ ؛ أبو الفتوح ٤ : ٨١.