قوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ)
قال الراغب : القنوت لزوم الطاعة مع الخضوع ، وفسّر بكلّ منهما في قوله تعالى : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ)(١) ، وقوله تعالى : (كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ)(٢).
قيل : خاضعون. وقيل : طائعون. وقيل : ساكتون ، ولم يعن به كلّ السّكوت ، وإنّما عني به ما
[٢ / ٧٠٥٩] قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّ هذه الصلاة فيها شيء من كلام الآدميّين ، إنّما هي قرآن وتسبيح» (٣).
وعلى هذا قيل : أيّ الصلاة أفضل؟ فقال : طول القنوت (٤) ، أي الاشتغال بالعبادة ورفض كلّ ما سواه (٥).
وقال ابن منظور : القنوت : الإمساك عن الكلام ، وقيل : الدعاء في الصلاة. والقنوت : الخشوع والإقرار بالعبوديّة والقيام بالطاعة الّتي ليس معها معصية. وقيل : القيام. وزعم ثعلب أنّه الأصل.
وقيل : إطالة القيام. وفي التنزيل العزيز : (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ).
[٢ / ٧٠٦٠] قال زيد بن أرقم : «كنّا نتكلّم في الصلاه حتّى نزلت هذه الآية ، فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام ، فأمسكنا عن الكلام» (٦).
قال ابن منظور : فالقنوت ها هنا : الإمساك عن الكلام في الصلاة.
[٢ / ٧٠٦١] وروي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم «أنّه قنت شهرا في صلاة الصبح بعد الركوع» (٧).
وقال أبو عبيد : أصل القنوت في أشياء ، فمنها القيام ، وبهذا جاءت الأحاديث في قنوت الصلاة ، لأنّه إنّما يدعو قائما. وأبين من ذلك حديث جابر :
[٢ / ٧٠٦٢] قال : «سئل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أيّ الصلاة أفضل؟ قال : طول القنوت». يريد : طول القيام (٨).
[٢ / ٧٠٦٣] وهكذا أخرج ابن جرير عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد ، عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «كلّ حرف في القرآن فيه القنوت ، فإنّما هو الطاعة» (٩).
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٣٨. (٢) البقرة ٢ : ١١٦.
(٣) المفردات : ٤١٣ (قنت). (٤) الخصال : ٥٢٣ ـ ٥٢٤.
(٥) المفردات : ٤١٣ (قنت).
(٦) سنذكر الحديث مع أسناده.
(٧) لسان العرب ٢ : ٧٣ ؛ مسند أحمد ١ : ٣٠١.
(٨) لسان العرب ٢ : ٧٣ ؛ مسند أحمد ١ : ٣٠٢.
(٩) الطبري ٢ : ٧٧١ / ٤٢٩٦ ؛ الثعلبي ٢ : ١٩٩ ، بلفظ : كلّ قنوت في الظهرين هو الطاعة.