الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ ). (١) والمساهمة في الآية بمعنى المقارعة مأخوذة من إلقاء السهام ، و « الدحض » الزلق ويطلق على السقوط.
وقد جاءت القصة أيضاً في سورة القلم من دون إشارة إلى المساهمة ، قال سبحانه : ( وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الحُوتِ إِذْ نادى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَولا أَنْ تَدارَكَهُ نعمةٌ مِنْ رَبِّهِ لََنُبِذَ بالْعَراءِ وَهُوَ مَذْمُوم ). (٢)
قال الطبرسي : واختلفوا في سبب ذلك ، قيل : إنّ السفينة اجتثت ، فقال الملاّحون : إنّ هاهنا عبداً آبقاً ، فإنّ من عادة السفينة إذا كان فيها آبق لاتجري ، فلذلك اقترعوا ، فوقعت القرعة على يونس ثلاث مرات. (٣)
ولكن الظاهر انّ الإلقاء كان لأجل إيجاد الخفّة في السفينة ، ويشهد على ذلك قوله « الفلك المشحون ». فعلى الأوّل يكون المورد ممّا هو معلوم واقعاً ومجهول ظاهراً ، بخلاف الثاني فيكون من قبيل المردّد واقعاً وظاهراً ، فتعيّن العبد الآبق من قبيل الأوّل بخلاف طلب الخفة بإلقاء شخص في البحر من قبيل الثاني ، وعلى كلّ تقدير فالمورد من قبيل تزاحم الحقوق ، أي من قبيل تزاحم مصلحة الجميع مع مصلحة الفرد ، فالأمر دائر بين غرق الجميع أو غرق واحد منهم فالثاني هو المتيقّن ويتمسّك في تعيين الفرد بالقرعة.
__________________
١. الصافّات : ١٣٩ ـ ١٤١.
٢. القلم : ٤٨ ـ ٤٩.
٣. مجمع البيان : ٨ / ٧١٦.