الشكّ فعلياً ـ على ما عرفت ـ أو لكفاية التوجّه إليه بعد الصلاة ، وعدم جريان القاعدة لأنّ الشكّ ليس حادثاً بعد الصلاة ، بل هو نفس الشكّ السابق.
ولكن الظاهر عدم جريان الاستصحاب أيضاً لانقطاع اليقين بالطهارة وعلم المكلّف بارتفاعها قطعاً ، وذلك بسبب العلم الإجمالي بتوارد الحالتين عليه بعد الشكّ ، فالطهارة السابقة المتيقّنة منتفية قطعاً ، إمّا لتوسط الحدث بين الطهارتين ، وإمّا لوقوعه بعدهما وعلى كلّ حال فالطهارة المتيقّنة الأُولى قطعية الارتفاع فكيف تستصحب.
فإن قلت : فما هو المرجع عندئذ بعد عدم إمكان استصحاب الطهارة المتيقّنة الارتفاع؟
قلت : سيوافيك انّه يجب الأخذ بضد الحالة السابقة ، أعني : الحدث والحكم بكون الإنسان محدِثاً والصلاة باطلة ، لأنّه يشترط في تنجيز العلم الإجمالي تعلّقه بأمر يكون على كلّ تقدير مؤثراً ومحدثاً للتكليف كالعلم بوقوع الدم في أحد الإناءين الطاهرين ، لا ما إذا علم بوقوعه في أحد الإناءين نعلم بنجاسة أحدهما معيناً ، فانّه لايحدث التكليف إلاّ إذا وقع في الإناء الطاهر دون النجس.
ومثله المقام حيث علم بتوارد إحدى الحالتين بعد الطهارة الأُولى ، فلو كان الوارد عليها هو الحدث لأثّر قطعاً ، ولو كان الوارد هو الطهارة لما أثّر بل كان مؤكداً ، فتعلّق العلم بتوارد إحدى الحالتين ليس من قبيل تعلّقه بشيء مؤثر على كلّ تقدير ، وعلى هذا فالعلم الإجمالي بحدوث أحد الأمرين بعد الطهارة : إمّا الوضوء أو الحدث أشبه بما إذا علم إجمالاً بحدوث أحد الأمرين بعدها : إمّا العطسة أو الحدث ، فلو كان الحادث هو العطسة لما أثّر ، ولو كان الحادث هو الحدث لأثّر ، فيؤخذ بما هو المؤثر على كلّ تقدير حتى ارتفاعه وهو الحدث وسيوافيك بيانه في تنبيه خاص.