أحقّ به ، بلا خلاف. وإن كان طفلا يميّز ـ وهو ما إذا بلغ سبع سنين أو ثماني سنين فما فوقها إلى حدّ البلوغ ـ فإن كان ذكرا فالأب أحقّ به ، وإن كانت أنثى فالأمّ أحقّ بها ما لم تتزوّج ، فإن تزوّجت فالأب أحقّ بها.
قال : ووافقنا أبو حنيفة وأصحابه في الجارية. وقال في الغلام : الأمّ أحقّ به حتّى يبلغ حدّا يأكل ويشرب ويلبس بنفسه ، فيكون أبوه أحقّ به. وقال الشافعي : يخيّر بين أبويه ، فإذا اختار أحدهما يسلّم إليه.
وقال مالك : إن كانت جارية فالأمّ أحقّ بها حتّى تبلغ وتتزوّج ، وإن كان غلاما فالأمّ أحقّ به حتّى يبلغ (١).
وقال ابن حزم ـ في المحلّى ـ : قال أبو حنيفة : الأمّ أحقّ بالابن والابنة الصغيرين ، ففي الجارية حتّى تحيض وفي الغلام حتّى يأكل وحده ويشرب وحده ويلبس ثيابه وحده. قال : وبعد ذلك تجب الحضانة للأب.
وقال مالك : الأمّ أحقّ بحضانة الولد ، فإن كان ذكرا حتّى يبلغ الحلم ، والجارية حتّى تتزوّج. قال : إن تزوّجت الأمّ سقط حقّها في الحضانة.
وقال الشافعي : الأمّ أحقّ بالابن والابنة ما لم تتزوّج. فإذا بلغ الصغير سبع سنين وهو يعقل ، خيّر بين أبيه وأمّه ، فحيث اختار جعل. فإن تزوّجت الأمّ خرجت عن الحضانة.
ثمّ أخذ في التفصيل والتذييل ، وأخيرا قال : إنّما أوردنا هذه الأقوال ليوقف على تخاذلها وتناقضها وفسادها وأنّها استحسانات لا معنى لها ، وليظهر كذب من ادّعى الإجماع في شيء من ذلك! (٢)
قال أبو عبد الله القرطبي : في هذه الآية دليل لمالك على أنّ الحضانة للأمّ ، فهي للغلام إلى البلوغ ، وفي الجارية إلى النكاح ، وذلك حقّ لها ، قال : وبه قال أبو حنيفة. وقال الشافعي : إذا بلغ الولد ثماني سنين وهو سنّ التميز ، خيّر بين أبويه ، فإنّه في تلك الحالة تتحرّك همّته لتعلّم القرآن
__________________
(١) الخلاف ٥ : ١٣١ ـ ١٣٢ م : ٣٦.
(٢) المحلّى ١٠ : ٣٢٩ ـ ٣٣١.