وحاشاه صلىاللهعليهوآلهوسلم أن ينهى عن خلق ويأتي بمثله.
لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم (١) |
وأخيرا فإنّ أبا وائل هذا كان قد طعن في السنّ وتجاوز المئة وقضى أكثر عمره في خدمة آل أميّة ، مات أيّام عمر بن عبد العزيز (٢) ، وكان مائلا إليهم بعد أن كان حائدا عنهم أيّام نضوج عقله.
قال عاصم بن بهدلة : قيل لأبي وائل : أيّهما أحبّ إليك ، عليّ أو عثمان؟ قال : كان عليّ أحبّ إليّ ثمّ صار عثمان! (٣).
قلت : ولعلّ أمثال هذا الحديث المزري بشأن عميد آل هاشم ، صدر منه أيّام وهن عقليّته وركونه إلى عمد آل أميّة! الأمر الّذي ليس من الظالمين ببعيد!
[٢ / ٨٢٧٤] وهكذا ذكر صاحب كتاب الاحتجاج (٤) حديثا طويلا مشتملا على غرائب ، أرسله عن الإمام موسى بن جعفر عن آبائه عليهمالسلام أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ليلة أسري به ، دنى بالعلم فتدلّى ، فدلّي له من الجنّة رفرف أخضر وغشّى النور بصره ، فرأى عظمة ربّه ـ عزوجل ـ بفؤاده ، ولم يرها بعينه ، فكان كقاب قوسين بينه وبينها أو أدنى ، فأوحى الله إلى عبده ما أوحى ، فكان فيما أوحى إليه الآية الّتي في سورة البقرة قوله تعالى : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وكانت الآية قد عرضت على الأنبياء من لدن آدم عليهالسلام إلى أن بعث الله تبارك وتعالى محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم وعرضت على الأمم فأبوا أن يقبلوها من ثقلها ، وقبلها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعرضها على أمّته فقبلوها ، فلمّا رأى الله تبارك
__________________
(١) من قصيدة لأبي الأسود الدؤلي ، وقبله :
وإذا جريت مع السفيه كما جرى |
|
فكلا كما في جريه مذموم |
وإذا عتبت على السفيه ولمته |
|
في مثل ما تأتي فأنت ظلوم |
لا تنه عن خلق وتأتي مثله |
|
عار عليك إذا فعلت عظيم |
(٢) تقريب التهذيب ١ : ٣٥٤ / ٩٦.
(٣) تهذيب التهذيب ٤ : ٣٦٢ / ٦٠٩.
(٤) صاحب كتاب الاحتجاج مجهول وكتابه هذا مجموعة مراسيل وروايات لا سند لها وأكثرها غرائب لا يدرى من أين أخذها؟! ومن ثمّ لم يعتمدها أصحاب النقد في الحديث ، إلّا فيما ثبت من دليل خارج.