الرجاء واليأس (١) لا يدري أين يتوجّه لحاجته ، ثمّ يعزم بالقصد لها فيأتيك وقلبه يرجف ، وفرائصه ترعد ، قد ترى دمه في وجهه ، لا يدري أيرجع بكآبة أم بفرح!».
[٢ / ٧٩٤٦] وعن ياسر عن اليسع بن حمزة ، قال : كنت في مجلس أبي الحسن الرضا عليهالسلام أحدّثه ، وقد اجتمع إليه خلق كثير يسألونه عن الحلال والحرام ، إذ دخل عليه رجل طوال آدم (٢) فقال : السّلام عليك يا ابن رسول الله ، رجل من محبّيك ومحبّي آبائك وأجدادك عليهمالسلام مصدري من الحجّ ، وقد افتقدت نفقتي ، وما معي ما أبلغ مرحلة ، فإن رأيت أن تنهضني إلى بلدي ولله عليّ نعمة ، فإذا بلغت بلدي تصدّقت بالّذي تولّيني عنك ، فلست موضع صدقة! فقال له : اجلس رحمك الله ، وأقبل على الناس يحدّثهم حتّى تفرّقوا ، وبقي هو وسليمان الجعفريّ وخيثمة وأنا فقال : أتأذنون لي في الدخول؟ فقال له سليمان : قدّم الله أمرك ، فقام فدخل الحجرة وبقي ساعة ثمّ خرج وردّ الباب وأخرج يده من أعلى الباب وقال : أين الخراسانيّ؟ فقال : ها أنا ذا ، فقال : خذ هذه المائتي دينار واستعن بها في مؤنتك ونفقتك وتبرّك بها ولا تصدّق بها عنّي ، واخرج فلا أراك ولا تراني (٣) ، ثمّ خرج ، فقال له سليمان : جعلت فداك ، لقد أجزلت ورحمت ، فلماذا سترت وجهك عنه؟ فقال : مخافة أن أرى ذلّ السؤال في وجهه لقضائي حاجته ، أما سمعت حديث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «المستتر بالحسنة يعدل سبعين حجّة ، والمذيع بالسيّئة مخذول ، والمستتر بها مغفور له» ، أما سمعت قول الأوائل :
متى آته يوما لأطلب حاجة |
|
رجعت إلى أهلي ووجهي بمائه |
[٢ / ٧٩٤٧] وعن عليّ بن إبراهيم بإسناد ذكره عن الحارث الهمدانيّ قال : سامرت أمير المؤمنين ـ صلوات الله عليه ـ (٤) فقلت : يا أمير المؤمنين ، عرضت لي حاجة. قال : فرأيتني لها أهلا؟ قلت : نعم يا أمير المؤمنين! قال : جزاك الله عنّي خيرا ، ثمّ قام إلى السراج فأغشاها وجلس ، ثمّ قال : إنّما أغشيت السراج لئلّا أرى ذلّ حاجتك في وجهك فتكلّم. فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «الحوائج أمانة من الله في صدور العباد ، فمن كتمها كتبت له عبادة ، ومن أفشاها كان حقّا على من سمعها أن يعنيه» ، أي يهتمّ به.
__________________
(١) أي يشخص بين الحالتين ، كناية عن مثوله حيرانا لا يلوى على شيء.
(٢) أي أسمر اللون. يقال به أدمة أي سمرة فهو آدم.
(٣) أي لا يقع وجهك في وجهي فتخجل.
(٤) المسامرة : المحادثة ليلا.