«رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث عبد الله بن رواحة فقال : لا تخرصوا جعرورا ولا معافارة ، وكان أناس يجيئون بتمر سوء ، فأنزل الله جلّ ذكره : (وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) وذكر أنّ عبد الله خرص عليهم تمر سوء ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا عبد الله لا تخرص جعرورا ولا معافارة» (١).
[٢ / ٧٧٠٥] وأخرج ابن المنذر عن محمّد بن يحيى بن حبّان المازني من الأنصار : أنّ رجلا من قومه أتى بصدقته يحملها إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأصناف من التمر معروفة من الجعرور واللينة والأيارخ والقضرة والمعافارة ، وكلّ هذا لا خير فيه من تمر النخل ، فردّها رسول الله وأنزل الله فيه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) إلى قوله : (حَمِيدٌ)(٢).
[٢ / ٧٧٠٦] وأخرج ابن جرير عن عبيدة السلماني قال : سألت عليّ بن أبي طالب عليهالسلام عن قول الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) الآية. فقال : «نزلت هذه الآية في الزكاة المفروضة ، كان الرجل يعمد إلى التمر فيصرمه فيعزل الجيّد ناحية ، فإذا جاء صاحب الصدقة أعطاه من الرديء. فقال الله : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ) يقول : ولا يأخذ أحدكم هذا الرديء حتّى يهضم له» (٣).
[٢ / ٧٧٠٧] وروى أحمد في مسنده : أنّه أهدي إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ضبّ فعافاه وأبى أن يأكله ، قالت عائشة : فقلت : أفلا نطعم المساكين؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تطعموهم ممّا لا تأكلون» (٤).
[٢ / ٧٧٠٨] وقال مقاتل بن سليمان في قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) يقول : أنفقوا من الحلال ممّا رزقناكم من الأموال ، الفضّة والذهب وغيرهما (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) وأنفقوا من طيّبات الثمار والنبات. وذلك أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر الناس بالصدقة قبل أن تنزل آية الصدقات ، فجاء رجل بعذق من تمر عامّته حشف ، فوضعه في المسجد مع التمر ، فقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : من جاء بهذا؟ فقالوا : لا ندري ، فأمر النبيّ أن يعلق العذق ، فمن نظر إليه قال بئس ما
__________________
(١) العيّاشي ١ : ١٦٩ / ٤٩١ ؛ البحار ٩٣ : ٤٦ / ٥ ، باب ٤.
(٢) الدرّ ٢ : ٥٩.
(٣) الدرّ ٢ : ٥٩ ؛ الطبري ٣ : ١١٥ و ١١٧ / ٤٨٠٨ و ٤٨١٦ ؛ كنز العمّال ٢ : ٣٦٥ / ٤٢٦٥.
(٤) مسند أحمد ٦ : ١٠٥ و ١٢٣ ؛ مجمع الزوائد ٤ : ٣٧ ، قال الهيثمي : رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح ؛ ابن كثير ١ : ٣٢٨.