وعبدا يعبد غيري فلن يفوتني ، وعبدا عبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني. ثمّ التفت فرأى جيفة على ساحل البحر نصفها في الماء ونصفها في البرّ ، تجيء سباع البحر فتأكل ما في الماء ، ثمّ ترجع فيشدّ بعضها على بعض ، فيأكل بعضها بعضا ، وتجيء سباع البرّ فتأكل منها فيشدّ بعضها على بعض ، فيأكل بعضها بعضا! فعند ذلك تعجّب إبراهيم ممّا رأى وقال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) قال : كيف تخرج ما تناسل الّتي أكل بعضها بعضا؟ (قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) يعني حتّى أرى هذا كما رأيت الأشياء كلّها (قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً) فقطّعهنّ واخلطهنّ كما اختلطت هذه الجيفة في السباع الّتي أكل بعضها بعضا! (ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً) فلمّا دعاهنّ أجبنه ، وكانت الجبال عشرة» (١).
ولأبي النضر محمّد بن مسعود العيّاشي هنا روايات متضاربة ومقطوعة الأسناد ، نذكر منها :
[٢ / ٧٦٣١] روى بإسناد مقطوع عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليهالسلام في قول إبراهيم عليهالسلام : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) قال أبو عبد الله عليهالسلام : «لمّا أري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض ، التفت فرأى رجلا يزني ، فدعا عليه فمات. ثمّ رأى آخر فدعا عليه فمات ، حتّى رأى ثلاثة فدعا عليهم فماتوا ، فأوحى الله إليه : أن يا إبراهيم إنّ دعوتك مجابة ، فلا تدع على عبادي ، فإنّي لو شئت لم أخلقهم ؛ إنّي خلقت خلقي على ثلاثة أصناف : عبدا يعبدني لا يشرك بي شيئا فأثيبه. وعبدا يعبد غيري فلن يفوتني ، وعبدا يعبد غيري فأخرج من صلبه من يعبدني ، ثمّ التفت فرأى جيفة على ساحل البحر بعضها في الماء وبعضها في البرّ ، تجيء سباع البحر فتأكل ما في الماء ، ثمّ ترجع فيشدّ بعضها على بعض ويأكل بعضها بعضا. وتجيء سباع البرّ فتأكل منها ، فيشدّ بعضها على بعض ، فيأكل بعضها بعضا ويفسد بعضها عن بعض ، فعند ذلك تعجّب إبراهيم ممّا رأى ، وقال : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) كيف تخرج ما تناسخ (٢) ، هذه أمم أكل بعضها بعضا! (قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) يعني حتّى أرى هذا كما رأيت الأشياء كلّها! (قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً) وتقطّعهنّ وتخلّطهنّ كما اختلطت هذه الجيفة في هذه السباع الّتي
__________________
(١) الكافي ٨ (الروضة) : ٣٠٥ / ٤٧٣.
(٢) وفي نسخة الكافي : كيف تخرج ما تناسل؟