القبور بعد هلاكهم ، وبعث حماره بعد مئة عام ، كما لم يتغيّر طعامه وشرابه ، وبعث بعد طوال الدهر ليعتبر بذلك. فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ) يعني لم يتغيّر طعمه ، (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ) يعني عبرة لأنّه بعثه شابّا بعد مئة سنة (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ) يعني عظام الحمار (كَيْفَ نُنْشِزُها) يعني نحييها. نظيرها (١)(أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ)(٢) يعني يبعثون الموتى (ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ) يعني لعزير كيف يحيي الله الموتى ، فخرّ لله ساجدا (قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) يعني من البعث وغيره ، فرجع عزير إلى أهله وقد هلكوا وبيعت داره وبنيت فردّت عليه وانتسب عزير إلى أولاده فعرفوه وعرفهم وأعطي عزير العلم من بعد ما بعث بعد مئة عام (٣).
[٢ / ٧٥٦٩] وروى عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن أبان عن عمير بن عبد الله الثقفي قال : أخرج هشام بن عبد الملك أبا جعفر محمّد بن عليّ زين العابدين عليهماالسلام من المدينة إلى الشام وكان ينزله معه ، وكان يقعد مع الناس في مجالسهم ، فبينا هو قاعد وعنده جماعة من الناس يسألونه إذ نظر إلى النصارى يدخلون في جبل هناك ، فقال : ما لهؤلاء القوم ، ألهم عيد اليوم؟ قالوا : لا ، يا ابن رسول الله ، ولكنّهم يأتون عالما لهم في هذا الجبل في كلّ سنة في هذا اليوم ، فيخرجونه ويسألونه عمّا يريدون وعمّا يكون في علمهم ، قال أبو جعفر : وله علم؟ قالوا : من أعلم الناس ، قد أدرك أصحاب الحواريّين! من أصحاب عيسى عليهالسلام. قال : فهلمّوا أن نذهب إليه! فقالوا : ذاك إليك يا ابن رسول الله. قال : فقنّع أبو جعفر عليهالسلام رأسه بثوبه ومضى هو وأصحابه فاختلطوا بالناس حتّى أتوا الجبل ، قال : فقعد أبو جعفر عليهالسلام وسط النصارى هو وأصحابه ، فأخرج النصارى بساطا ثمّ وضعت الوسائد ، ثمّ دخلوا فأخرجوه ثمّ ربطوا عينيه فقلب عينيه كأنّهما عينا أفعي ، ثمّ قصد أبا جعفر عليهالسلام فقال : أمنّا أنت أم من الأمّة المرحومة؟ فقال أبو جعفر عليهالسلام : من الأمّة المرحومة! فقال : أمن علمائهم أنت أم من جهّالهم؟ قال : لست من جهّالهم!
قال النصراني : أسألك أو تسألني؟ فقال أبو جعفر عليهالسلام : سلني! فقال : يا معشر النصارى ، رجل
__________________
(١) بناء على قراءة «ننشرها» بالراء المهملة.
(٢) الأنبياء ٢١ : ٢١.
(٣) تفسير مقاتل ١ : ٢١٦ ـ ٢١٨.