بمواعظ الأنبياء وإرشاداتهم الحكيمة (١) ومن ثمّ فهم على عمه من الحياة وازدياد من الارتطام في غياهب الظلمات. (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ)(٢).
[٢ / ٧٥٢٧] أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) يقول : من الضلالة (٣) إلى الهدى. وفي قوله : (يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) يقول : من الهدى (٤) إلى الضلالة (٥).
[٢ / ٧٥٢٨] وروى عليّ بن إبراهيم عن حميد بن زياد عن محمّد بن الحسين عن محمّد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن الإمام جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن عليّ عليهماالسلام في قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(٦) قال : «بدأ بنور نفسه تعالى. (مَثَلُ نُورِهِ) مثل هداه في قلب المؤمن. (كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ ...) المشكاة ، جوف المؤمن. والقنديل قلبه. والمصباح ، النور الّذي جعله في قلبه ... (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ) قال : الشجرة المؤمن. (زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) قال : على سواء الجبل ، لا غربيّة ، أي لا شرق لها. ولا شرقيّة ، أي لا غرب لها ؛ إذا طلعت الشمس طلعت عليها ، وإذا غربت غربت عليها. (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) يكاد النور الّذي جعله الله في قلب المؤمن يضيء وإن لم يتكلّم ... (نُورٌ عَلى نُورٍ) فريضة على فريضة. وسنّة على سنّة. (يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ) يهدي الله لفرائضه وسننه من يشاء. (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ..). فهذا مثل ضربه الله للمؤمن.
ثمّ قال : فالمؤمن يتقلّب في خمسة [جوانب] من النور : مدخله نور ، ومخرجه نور ، وعلمه نور ، وكلامه نور ، ومصيره نور يوم القيامة ، إلى الجنّة : نور» (٧).
__________________
(١) حيث الأنبياء برمّتهم إنّما يحاولون إخراج الناس ـ عامّة ـ من الظلمات إلى النور : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) (إبراهيم ١٤ : ٥).
(٢) الأنعام ٦ : ٣٩.
(٣) أي من ضلالات الحياة إلى جادّة الهدى النيّرة.
(٤) أي من هدى الفطرة ونور العقل إلى معوجّات الطريق والضلالات.
(٥) الدرّ ٢ : ٢٤ ؛ الطبري ٣ : ٣١ / ٤٥٧٠ ؛ البخاري ٦ : ٥٧ ، كتاب التفسير ؛ سورة الحديد ، ذيل الآية ٩. إلى قوله : «إلى الهدى». القرطبي ٣ : ٢٨٣ ، بلفظ : «الظلمات الضلالة ، والنور الهدى» وبمعناه قال الضحّاك والربيع ؛ التبيان ٢ : ٣١٤ ، بلفظ : «يخرجهم من ظلمة الضلالة إلى نور الهدى».
(٦) النور ٢٤ : ٣٥.
(٧) القمّي ٢ : ١٠٣. وروى ذيله الصدوق في الخصال : ٢٧٧ / ٢٠ باب الخمسة ؛ البحار ٦٥ : ١٧ / ٢٤.