جميع أعصارها ، وتجارب الموكب الإيمانيّ كلّه في جميع مراحله ، ونورثك ميراث المرسلين أجمعين.
***
وبعد فإليك ما ورد من آثار السلف بشأن الأحداث الّتي أشارت إليها الآيات هنا :
[٢ / ٧٣١١] أخرج عبد بن حميد عن أبي عبيدة قال : كان في بني إسرائيل رجل له ضرّتان ، وكانت إحداهما تلد والأخرى لا تلد ، فاشتدّ على الّتي لا تلد ، فتطهّرت وخرجت إلى المسجد لتدعو الله ، فلقيها حكم بني إسرائيل ـ وحكّامهم : الّذين يدبّرون أمورهم ـ فقال : أين تذهبين؟ قالت : حاجة لي إلى ربّي. قال : اللهمّ اقض لها حاجتها ، فعلقت بغلام وهو الشمول (١) ، فلمّا ولدت جعلته محرّرا ، وكانوا يجعلون المحرّر إذا بلغ السعي في المسجد يخدم أهله ، فلمّا بلغ الشمول السعي دفع إلى أهل المسجد يخدم. فنودي الشمول ليلة ، فأتى الحكم فقال : دعوتني؟ قال : لا. فلمّا كانت الليلة الأخرى دعي ، فأتى الحكم فقال : دعوتني؟ فقال : لا ، وكان الحكم يعلم كيف تكون النبوّة فقال : دعيت البارحة الأولى؟ قال : نعم. قال : ودعيت البارحة؟ قال : نعم. قال : فإن دعيت الليلة فقل : لبّيك وسعديك والخير في يديك والمهدي من هديت ، أنا عبدك بين يديك ، مرني بما شئت!
فأوحي إليه ، فأتى الحكم فقال : دعيت الليلة؟ قال : نعم ، وأوحي إليّ! قال : فذكرت لك بشيء؟ قال : لا عليك أن لا تسألني! قال : ما أبيت أن تخبرني إلّا وقد ذكر لك شيء من أمري ، فألحّ عليه ، وأبى أن يدعه حتّى أخبره! فقال : قيل لي : إنّه قد حضرت هلكتك وارتشى ابنك في حكمك ، فكان لا يدبّر أمرا إلّا انتكث ، ولا يبعث جيشا إلّا هزم ، حتّى بعث جيشا وبعث معهم بالتوراة (٢) يستفتح بها فهزموا ، وأخذت التوراة فصعد المنبر وهو آسف غضبان ، فوقع فانكسرت رجله أو فخذه فمات من ذلك ، فعند ذلك قالوا لنبيّهم : ابعث لنا ملكا وهو الشمول بن حنّة العاقر! (٣).
[٢ / ٧٣١٢] وقال الطبري ـ في قوله تعالى : (إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ) : اختلف في ذلك النبيّ ، فقيل :
__________________
(١) السموئيل.
(٢) ولعلّه التابوت وفيه ألواح التوراة.
(٣) الدرّ ١ : ٧٥٥ ـ ٧٥٦.