وهذه إشارة إلى انتصار بني إسرائيل ، وهو انتصار عظيم كان به نجاحهم واستيلاؤهم على بلاد العمالقة مع قلّة عددهم تجاه الفلسطينيّين.
قال مؤرّخو اليهود : إنّ طالوت لمّا خرج لحرب الفلسطينيّين جمع جيشا فيه ثلاثة آلاف رجل ، فلمّا رأوا كثرة العدوّ حصل لهم ضنك شديد واختبأ معظم الجيش في جبل «أفرايم» في المغارات والفياض والآبار ، ولم يعبروا الأردن. ووجم طالوت واستخار صموئيل ، وخرج للقتال. فلمّا اجتاز النهر عدّ الجيش الّذي معه فلم يجد إلّا نحوا من ستّمائة رجل. ثمّ وقعت مقاتلات كان النصر فيها حليفهم. وتشجّع الّذين جبنوا واختبأوا في المغارات وغيرها ، فخرجوا وراء الفلسطينيّين وغنموا غنيمة كثيرة.
وفي تلك الأيّام ـ وربما طالت أربعين يوما ـ ظهر داوود بن يسي من نسل يهودا ، وكان راعيا لغنم أبيه ، فاجتباه ربّه وأوحى إلى صموئيل أن يبذل عنايته بشأن داوود ، وبشّره بأنّ النصر القاطع سوف يكون على يده. وأنّه سيكون ملكا على إسرائيل.
كان داوود شجاعا باسلا ، وكان من بسالته أن طارد أسدا كان هجم على غنمه فطارده حتّى أخذ بخنقه وقتله وأفلت الغنم من براثنه. وهكذا فعل بدبّ هاجم ، حتّى قتله ، الأمر الّذي يدلّ على شدّة بأسه وقوّته وصلابته في مجابهة العدوّ ، غير هائب ولا فاشل.
فصادف أن جاء إلى معسكر الإسرائيل وفيه ثلاث من إخوته الستّة ـ وكان سابعهم وأصغرهم ـ واستفسر الحال ، وعرف تخاذلهم تجاه «جالوت» الّذي كان يبرز يوميّا ويطلب المبارز ، ولم يجرأ أحد لمقابلته.
الأمر الّذي دعا بداوود أن يأخذ مقلاعه وخمسة أحجار ملس (١) جعلها في جعبته وأخذ طريقه إلى الميدان ، ولمّا رآه جالوت استهان به ، لكنّ داوود استغلّ الفرصة ورماه بمقلاعه فأصاب الحجر جبهته وأسقطه إلى الأرض ، فلمّا رأى الفلسطينيّون ذلك انهزموا لأجمعهم وزوّج شاول ابنته المسمّاة «ميكال» من داوود ، وجرت هناك بين آونة وأخرى فتن وكوارث ، وانتهت بقتل شاول
__________________
(١) جمع أملس : مستو حادّ الأطراف.