قلت : هذه الرواية ـ فضلا عن مضادّتها لما سبق عنه عليهالسلام أنّ الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر ، فيها إشارة إلى قصّة اسطوريّة تمسّ جانب قداسة أنبياء الله العظام :
ذكروا أنّ سليمان كانت تعجبه الخيل ، فعرضت عليه الصافنات الجياد (١) وشغلته عن صلاة العصر حتّى فات وقتها وغربت الشمس. فطلب من الله عودتها فأعادها الله عليه فصلّى العصر ، ثمّ عاد إلى الخيل فطفق مسحا بالسوق والأعناق (٢).
والصحيح أنّ سليمان كان له ورد بذكر الله بالعشيّ والإبكار (٣). ولمّا عرضت عليه الخيل بالعشيّ وطال الأمد ، انشغل عن ورده حتّى غربت الشمس وفات الوقت الّذي كان أخذه عادة له في تسبيحه كلّ يوم عند العشيّ ، وكان السّوّاس قد أرجعوا الخيول إلى اصطبلاتها ، لمّا رأوا من حزن سليمان على ذلك الفوات ، ثمّ بعد ما رجع سليمان إلى حالته الأولى ، أمر السوّاس بإرجاع الخيول كي يكمل الاستعراض.
***
وهكذا رووا عن جماعة من الصحابة والتابعين أنّهم قالوا : إنّها صلاة العصر :
[٢ / ٧٠١٣] أخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : الوسطى هي العصر (٤).
[٢ / ٧٠١٤] وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن حبّان من طرق عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الصلاة الوسطى صلاة العصر (٥).
__________________
ـ عليّا عليهالسلام عن صلاة الوسطى؟ فلم يردّ عليه شيئا ، وأقيمت صلاة العصر ، فلمّا فرغ قال : «أين السائل عن الصلاة الوسطى؟
قال : أنا هذا ، قال : هي هذه الصلاة». قال : سنده صحيح ؛ المصنّف ٢ : ٣٨٨ / ١٧ ، باب ٣٣٤ ؛ الطبري ٢ : ٧٥٠ ـ ٧٥١ / ٤٢١١ ـ ٤٢٢٣ ؛ كنز العمّال ٢ : ٣٦٣ / ٤٢٥٦ ؛ الثعلبي ٢ : ١٩٦ ؛ القرطبي ٣ : ٢١٠.
(١) الصافنات : الخيل الواقفة على ثلاث قوائم ، الواضعة طرف السنبك الرابع على الأرض ، دليلا على جودتها وأصالتها.
(٢) سورة ص ٣٨ : ٣٢. راجع تفسير الطبري ذيل الآية من سورة ص. (٢٣ : ٩٩. ط : بولاق).
(٣) قال تعالى : (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) (آل عمران ٣ : ٤١). (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (الإنسان ٧٦ : ٢٥).
(٤) الدرّ ١ : ٧٢٩ ؛ المصنّف ٢ : ٣٨٨ / ١٢ ، باب ٣٣٤.
(٥) الدرّ ١ : ٧٢٤ ؛ المصنّف ٢ : ٣٨٩ / ٣١ ، باب ٣٣٤ ؛ الترمذي ١ : ١١٦ / ١٨١ ، باب ١٣٣ ، قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح ؛ ابن حبان ٥ : ٤١ / ١٧٤٦.