وبعد فإذ لم يكن لعموم سلطة الرجل على الطلاق دليل قاطع وشامل ، وكان أمر الخلع منوطا بالترافع لدى السلطان ، كان مقتضى ذلك هو إمكان إلزام الزوج بالطلاق إذا كانت المصلحة قاضية بذلك ، ومدعما بحديث «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام».
وهناك بعض الشواهد عليه في بعض النصوص :
[٢ / ٦٧٥٥] كما في حديث حمران عن الصادق عليهالسلام وفي آخره : «والطلاق والتخيير من قبل الزوج ، والخلع والمباراة يكون من قبل المرأة» (١).
وهذا يعني : أنّ أمر الخلع منوط بمصلحة المرأة واختيارها ، ولا خيار للزوج فيه. مضافا إلى ما فعله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بشأن المختلعة.
إذن فطريق خلاص المرأة ـ إذا لم تطق الصبر مع زوجها ـ منفتح ، وليست أسيرة رهن إرادة الرجل محضا.
بقي هنا شيء وهو : كلام صاحب الجواهر بالمنافاة مع أصول المذهب! ولم نتحقّقه ؛ كيف وقاعدتا «لا ضرر» و «لا حرج» هما اللّتان تشكّلان قواعد المذهب ، والعلم عند الله.
والسؤال الأخير : ما هو السبب في الفرق بين الرجل والمرأة ، حيث كان الرجل مطلق السراح بشأن طلاق زوجته ، حيث كرهها. وأمّا المرأة فبعد مراجعة الحاكم الشرعي ورهن تصميمه في مصلحة أمرها؟!
وهذا يعود إلى ما بين الرجل والمرأة من فرق في طبيعتهما ، حيث هي مرهفة الطبع ، رقيقة النفس ، ذات عاطفة جيّاشة ، تثار لأوّل مؤشّر ، وتنبري لأيّ وخزة ، وكلّ أمر إذا أنيط بجانب العاطفة السريعة التأثّر ، ربما أوجد مشاكل ومضاعفات قد لا يحمد عقباها. أمّا الرجل فبطبيعته الهادئة المتريّثة ، وهو الّذي تحمّل تكاليف هذا الازدواج ، ولا يمكن أن يتغافل عن عواقب سوء وخسائر سوف تترتّب على هذا الفراق أحيانا ، ويكون عبء ثقلها على عائقه في الأغلب ، فإنّه بذلك ولغيره من الجهات ، علّه لا يتسارع في البتّ من الأمر ، مهما بلغ به الغضب أو استشاط غيظا ، ما لم ينظر في عاقبته وما يترتّب عليه من آثار!
__________________
(١) الوسائل ٢٢ : ٢٩٢ / ٤ ، باب ٦ ، من كتاب الخلع.