(فَمَا اسْتَقامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ)(١). (وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ)(٢).
هذا هو منهج الإسلام الحكيم : سلم لمن سالمنا وحرب لمن حاربنا.
أمّا الموادعون فهم في أمان. وأمّا المناوؤن فلا أمان لهم ، ما داموا يشكّلون خطرا على المسلمين.
أمّا أن يكون هناك إكراه أحد على اعتناق الإسلام أو إرعابه أو التهديد عليه ، فهذا أمر غريب عن طبيعة الدين ويرفضه الإسلام وهو دين سلام.
وعليه فكلّ ما قيل أو يقال ممّا ينافي هذا المبدأ الرصين ، فهو من الزخرف الباطل ، ناشئ عن الجهل بحقيقة هذا الدين الحنيف.
***
ومن المؤسف ما ينسب إلى بعض السلف ممّا يخالف هذه الحقيقة الناصعة :
[٢ / ٧٤٩٥] أخرج ابن جرير وأبو إسحاق وابن أبي حاتم وعبد بن حميد وعبد الرزّاق وأبو داوود في ناسخه عن قتادة وكذا عن الحسن والضحّاك : أنّ آية نفي الإكراه نزلت بشأن أهل الكتاب ، أمّا العرب فكانوا أمّة أميّة لم يكن لهم دين ، فإنّهم أكرهوا على الدين بالسيف! (٣).
قلت : لا شكّ أنّه وهم وهموه ، وأخذوا من عتاة العرب ـ ممّن نقضوا الميثاق ولم يراعوا عهدا من المسلمين ـ مقياسا ، لهذا الحكم العامّ ، الّذي هو مخالف لصريح القرآن ، ولقد صحّ قول مقاتل بن حيّان : إنّ هذا زعم زعمه الضحّاك!! (٤).
[٢ / ٧٤٩٦] نعم روى أحمد وأبو يعلى بالإسناد إلى أنس : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لرجل من بني النجّار : «يا خال ، أسلم! فقال : إنّي أجدني كارها! قال : أسلم ، وإن كنت كارها!» (٥).
__________________
(١) التوبة ٩ : ٧.
(٢) التوبة ٩ : ١٢.
(٣) الطبري ٣ : ٢٤ ؛ الثعلبي ٢ : ٢٣٥ ؛ البغوي ١ : ٣٥٠ ؛ ابن أبي حاتم ٢ : ٤٩٣ ـ ٤٩٤. عبد الرزّاق ١ : ٣٦٣ ؛ الدرّ ٢ : ٢١ ـ ٢٢ ؛ التبيان ٢ : ٣١١ ؛ أبو الفتوح ٣ : ٢٣٥.
(٤) راجع : الثعلبي ٢ : ٢٣٦.
(٥) مسند أحمد ٣ : ١٠٩ و ١٨١ ؛ أبو يعلى ٦ : ٤٠٦ / ٣٧٦٥ ؛ مجمع الزوائد ٥ : ٣٠٥ ؛ قال : رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح.