وفيه أيضا نظر من ظهور كونها من المنوّن ولكنّه لم يظهر تنوينه لضرورة العدّ المطلوب فيه الاختصار كالمنوّن الّذي لم يظهر تنوينه لضرورة الوقف.
ونوقش فيه أيضا : بأنّ الأسماء المعدودة ليست بأسماء أجناس من حيث كونها أسماء معدودة ، لأنّها غير مستعملة في معانيها الوضعيّة بل هي حكايات عن الألفاظ المستعملة فيها ، فهي أسماء لأسماء الأجناس ولا نسلّم أنّ المسمّى أعني الألفاظ المحكية مجرّد عن اللواحق ، مع أنّ الأسماء المعدودة لا تقع في صحيح الاستعمال مجرّدة عن اللواحق ولو تقديرا بناء على عدم خلوّ المحكيّ عنها وضعا فلا يتمّ بها المقصود ، ولو أراد تجرّدها عنها لفظا فغير مفيد كما في صورة الوقف في غيرها من الأسماء المتمكّنة.
وكيف كان فإن ورد في الاستعمال ملحوقا به التنوين فهو على قسمين :
أحدهما : أن يكون التنوين اللاحق له تنوين التمكّن ، وهذا يرجع إلى السابق إذ التنوين لم يقصد به إلاّ أمرا متعلّقا بالإعراب من غير تأثير له في المعنى فيكون مدخوله كالمجرّد مرادا به نفس الماهيّة فيكون حقيقة ، ومثاله المعروف قول القائل : « رجل جاءني لا امرأة ».
ومن هذا القبيل ما يقع محمولا في القضايا الحمليّة كـ « الإنسان حيوان » و « زيد إنسان أو رجل أو عالم أو كاتب » وما أشبه ذلك.
واعلم أنّ التمكّن جهة مشتركة بين تنوين إسم الجنس وتنوين العلم وتنوين النكرة ، ويزيد عليهما تنوين النكرة في نكارة الفرد الواحد المقيّد به الماهيّة المعبّر عنها بالوحدة الغير المعيّنة على معنى عدم اعتبار تعيين الفرد الّذي هو متعيّن في الخارج كما ذكرناه سابقا ليصلح في نظر المخاطب لكلّ فرد متعيّن من الأفراد الخارجيّة على البدل ، وعلى هذا فلا نكارة في إسم الجنس المنوّن باعتبار المعنى على ما يساعد عليه التحقيق والنظر الدقيق.
فما في كلام بعض الأعلام ـ عند بيان الفرق بين إسم الجنس المنوّن والنكرة من أنّ النكارة الملحوظة بالنسبة إلى الفرد في النكرة قد تلاحظ أيضا بالنسبة إلى الطبيعة في إسم الجنس « فرجل » في قولنا : « رجل جاءني لا امرأة » نكرة باعتبار عدم ملاحظة تعيين الطبيعة و « رجل » في قولنا : « جاءني رجل » نكرة باعتبار ملاحظة عدم تعيين الفرد ـ غير سديد لوجهين :
أحدهما : أنّ عدم اعتبار تعيين الطبيعة في إسم الجنس المنوّن يقابله اعتبار تعيينها في إسم الجنس المعرّف وهذا يوجب عدم إطلاق المعرفة عليه في الاصطلاح لا إطلاق النكرة