غير أنّه ليس بعامّ الجريان حتّى فيما حرم إبطاله شرعا كما عرفت.
وإن كان الاستصحاب ولا بدّ وأن يتمسّك به في المقام فالأولى أن يقال : بأنّ ما لم يشرع فيه قبل الشروع في صاحبه كان قابلا للاجتزاء به فيستصحب ، مضافا إلى أصالة عدم طروّ ما يرفع القابليّة عنه وعدم خروجه عن حيّز الطلب التخييري وعدم لحوق اعتبار التعيين بصاحبه الّذي شرع فيه ، نظرا إلى كونه قبل الشروع مقطوعا بعدمه ، ويؤيّده أصل البراءة عن التعيين بناءا على جريانه في المقام كما قد يتوهّم.
الأمر السابع : لو أتى المكلّف في الواجب المخيّر بواحد من الأفراد واكتفى به امتثل جزما وليس عليه شيء بعد ذلك ، ولا يعقل معه امتثال ليجب تحصيله ، إذ لو اريد به ما كان بالنسبة إلى الأمر الأوّل الثابت بعنوان التخيير كان تحصيلا للحاصل ، بناء على ما قرّرناه من كون المكلّف به المستقرّ في ذمّة المكلّف واحدا دائما ، ولو اريد به ما كان بالنسبة إلى الأمر الآخر كان خلاف الفرض وإلاّ انقلب المخيّر معيّنا ، وحينئذ فلو أتى بالفرد الآخر بنيّة امتثال الأمر الإيجابي كان تشريعا محرّما ، وكذلك لو قصد به امتثال الأمر الاستحبابي إلاّ مع العلم باستحبابه بالخصوص أو رجحان الجمع بينهما الحاصل من الخارج ، ولا يكفي فيه مجرّد احتمال الاستحباب ، كما لا يكفي مجرّد احتمال الوجوب بناء في البدعة المحرّمة على تفسيرها الأعمّ.
وأمّا بناء على تفسيرها الأخصّ ـ كما هو الأظهر ـ اختصّ التحريم بما لو علم فيه بانتفاء الأمر بالمرّة استحبابيّا وإيجابيّا.
ولو أتى بالجميع أو بما زاد على الواحد دفعة واحدة فإن قصد الامتثال بواحد منها لا بعينه لا ريب في أنّه على تقدير حصوله يستند إلى واحد لا بعينه ، ولو ذهب وهم إلى منع حصوله حينئذ استنادا إلى أنّ الواحد لا بعينه مبهم فلا يعقل الامتثال به ، لدفعناه بمنع اقتضاء الامتثال بعد القطع بثبوت أصل التكليف محلاّ معيّنا كما هو الحال في صورة اشتباه الواجب بغيره ، فيأتي المكلّف بجميع أطراف الشبهة بقصد امتثال الوجوب المقطوع بثبوته إجمالا ، كيف وهو تابع لأصل الوجوب الثابت فكما أنّه في تعلّقه لا يقتضي محلاّ معيّنا حسبما قرّرناه في دفع شبهة من يجعل الواجب واحدا معيّنا فكذلك الامتثال في حصوله ، وربّما يتخيّل استناد حصول الامتثال حينئذ إلى ما هو من الأفراد أكثر ثوابا.
وفيه : أنّ مجرّد أكثريّة الثواب لا تقضي باختصاص الامتثال بذلك الواحد إلاّ على