تذنيب
إذا ورد الأمر بمركّب وتعذّر بعض أجزائه بمصادفة مانع ونحوه فالّذي يساعد عليه النظر ويرشد إليه القوّة العاقلة عدم وجوب الأجزاء الباقية بمجرّد ذلك الأمر ، بل عدم دلالته عليه [ على ] ما صرّح به بعض الأعاظم مستظهرا اتّفاقهم عليه أيضا.
والوجه في ذلك : أنّ التكاليف بأسرها مشروطة في حكم العقل بالقدرة على الأفعال ومقدّماتها الداخليّة والخارجيّة ، من غير فرق بين كونها شرعيّة أو عرفيّة ، صرّح المولى بالاشتراط حين الإنشاء أو لم يصرّح بل لم يلتفت إليه أيضا ، فإنّ الأمر إذا صدر ممّن لا يعلم بالعواقب يقع مشروطا بحسب الواقع وإن كان بحسب العبارة مطلقا ، فيكون الطلب معلّقا ـ بالمعنى الّذي استظهرناه في بحث أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرطه ـ في حقّ غير العالم من وقوعه مستكملا لجهاته الثلاث معلّقا استقراره على اجتماع الشروط الّتي منها القدرة ، فإن تبيّن مصادفته للقدرة على نفس المأمور به وكلّ من أجزائه وشروطه انكشف استقراره ، وإلاّ انكشف زواله ، فمع طروّ العذر عن بعض الأجزاء سابقا أو لاحقا لا أمر بالكلّ جزما ، ضرورة استحالة التكليف بغير المقدور ، ولا بالأجزاء الباقية من جهة هذا الأمر لا أصالة ولا مقدّمة.
أمّا الأوّل : فلظهور الأمر من حيث وروده بالكلّ في كون المصلحة الداعية إلى حسنه ورجحانه قائمة بالهيئة الاجتماعيّة والأجزاء الباقية ليس منها جزما.
وأمّا الثاني : فلأنّ الأمر المقدّمي يتبع الأمر بذي المقدّمة وجودا وعدما ومع ارتفاع المتبوع لا يعقل بقاء للتابع.
وأمّا العالم بالعواقب فهذا الأمر منه يصير من باب الأمر بما علم انتفاء شرطه ، نظرا إلى أنّ انتفاء القدرة على الجزء يستلزم انتفاء القدرة على الكلّ ، وقد تقرّر أنّ ذلك غير جائز سيّما مع علم المأمور أيضا بالحال ، فالخطابات العامّة لا تتناول هذا المكلّف واقعا. وإن كان ظاهرها في غير العالم التناول ، ومعه لا يعقل وجوب بتلك الخطابات بالنسبة إلى الأجزاء الباقية لا أصليّا ولا مقدّميا لعين ما تقدّم.
هذا إذا لم يكن العذر مسبوقا بحالة التمكّن وقت التكليف مع مضيّ مقدار من الوقت يسعه الفعل.
وأمّا مع مسبوقيّته فطروّ العذر يوجب ارتفاع التكليف عن الكلّ أيضا ، لأنّ القدرة كما