ولكنّ الّذي يساعد عليه النظر الصحيح هو أنّ مقايسة ما نحن فيه على ضمير الغائب غير صحيحة ، لأنّ الضمير لا وضع له سوى وضعه العامّ لخصوصيّة كلّ معهود حصل معهوديّته بتقدّم ذكره لفظا أو معنى ، بخلاف ما نحن فيه لكون مصحوب « اللام » بدونه موضوعا بالوضع العامّ لغير ما اريد منه منعه من المعنى العامّ مع العلم الضروري بأنّ للامور المذكورة مدخليّة في كلّ من انفهام الفرد الخاصّ من المصحوب وانفهام كون « اللام للإشارة » إلى اعتبار كونه معيّنا ، كما أنّ للاّم أيضا مدخليّة في انفهام الفرد الخاصّ ، ضرورة أنّه لو قيل : « فعصى فرعون الرسول » من دون تقدّم ذكر ، أو « أكرم الرجل » من دون حضور ، أو « أكرم العالم » من دون اشتهار لم يفهم إرادة الفرد الخاصّ ، كما لم يكن معهوديّة للفرد لاحتمالي تعريف الجنس أو العهد الذهني ، كما أنّه لو قيل مكان الأمثلة المذكورة : « فعصى فرعون رسولا » ، أو « أكرم رجلا » أو « أكرم عالما » مع تحقّق الامور المذكورة لم يفهم إرادة الفرد الخاصّ.
فالوجه أن يقال : إنّ كلاّ من الامور المذكورة حال وجود « اللام » سبب لمعهوديّة الفرد الخاصّ ، ومعهوديّة الفرد الخاصّ المستفادة من الامور المذكورة توجب انفهام كون « اللام » إشارة إلى الفرد الخاصّ ، وكون « اللام » إشارة إلى الفرد الخاصّ الناشئ من معهوديّة ذلك الفرد المستفادة من الامور المذكورة يوجب انفهام إرادة الفرد الخاصّ من مصحوب « اللام » فكلّ من الامور المذكورة إمّا علّة تامّة لانفهام إرادة الفرد الخاصّ كما أنّه علّة تامّة لمعهوديّة ذلك الفرد الخاصّ أو جزء للعلّة ، وأيّا مّا كان فله مدخليّة وتأثير في انفهام إرادته من مصحوب « اللام » فلا مقتضى لالتزام الوضع العامّ لخصوصيّة كلّ معهود.
المقدّمة الثانية
فيما يتعلّق بلام التعريف من تعيين معناه الموضوع له وغيره.
فنقول : إنّها في دخولها على اسم الجنس حالها كحال سائر الحروف الداخلة على مدخولاتها لإفادة معانيها الحرفيّة متعلّقة بمدلولات مدخولاتها من دون حاجة لها ولا لمدخولاتها باعتبار الضمّ والتركيب إلى وضع آخر متعلّق بالهيئة التركيبيّة ، فإنّ كلمة « من » مثلا موضوعة بالوضع الأفرادي للابتداء وإذا دخلت على « البصرة » الموضوعة بالوضع الأفرادي أيضا لمعناها المخصوص تفيد معنى الابتداء متعلّقا بمعنى البصرة من دون أن يقصد منهما باعتبار الضمّ والتركيب معنى آخر زائد على الابتداء ومتعلّقه من معنى البصرة ، فلا حاجة لهما بالاعتبار المذكور إلى وضع آخر ولو نوعيّا متعلّق بالهيئة التركيبيّة لكونه