مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ )(١) مع أنّ عدم كون المشتقّ من ألفاظ العموم لا باعتبار وضعه الهيئي ولا باعتبار وضعه المادّي ضروريّ. وممّا يرشد أيضا أنّ الموصوليّتين أيضا على القول بعدم كونهما بالوضع للعموم قد تتضمّنان معنى الشرطيّة في صلتيهما فيدخل فيهما العموم أيضا تبعا للشرطيّة لا وضعا ، على أنّه يمكن تطرّق المنع إلى تغاير الشرطيّتين للموصوليّتين حيث تتضمّنان معنى الشرطيّة ، وأيّ برهان قام أو أيّ أمارة قضت بأنّ « من » في قوله تعالى : ( مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ )(٢) و « ما » في نحو قوله تعالى : ( وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ )(٣) ليستا من الموصوليّتين قد تضمّنتا معنى الشرطيّة في صلتيهما.
ومن أين علم أنّ الجملة المتعقّبة لهما ليست من قبيل صلة الموصول.
فإن قلت : إنّ الشرطيّة والموصوليّة تتغايران بالنكارة والتعريف كما تقدّم في عبارة الشيخ من التصريح بكون كلّ من الكلمتين في المجازاة نكرة وفي الموصول معرفة بمعنى « الّذي ».
قلت : كون الموصولتين من المعرفة ممّا لا كلام فيه ، لأنّ المعرفة ما دلّ على شيء معيّن شخصا كان ذلك المعيّن أو جنسا كما في المعرّف بلام الجنس وعلم الجنس ، والموصول أيضا يدلّ على شيء معيّن يتعيّن بالصلة ، والمعيّن في معنى الموصول أيضا أعمّ من الشخص كقولك : « رأيت من أعطاك » و « فهمت ما قلت » والجنس كالموصول الّذي يدلّ على المعنى الجنسي كما في قوله تعالى : ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ )(٤) و ( ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ )(٥) ودخول العموم في مفهوميهما لعلّه من جهة التعليق على الجنس ، ولكن كون بناء الشرطيّتين على النكارة غير واضح.
ألا ترى أنّ « من » في قول القائل : « من دخل الدار فله درهم » تعدّ عندهم من الشرطيّة مع صحّة أن يقال في نحو المثال : « من دخل الدار راكبا أو مسلّما عليك مثلا فله درهم » وهذا آية التعريف.
ومن أين علم أنّ « من » في هذا المثال ونظائره مع صحّة كونها معرفة بالنسبة إلى المعنى الجنسي شرطيّة مغايرة للموصوليّة وليست هي الموصولة بعينها قد تضمّنت معنى الشرطيّة ، فليتدبّر.
المسألة الثانية
في « من وما » الاستفهاميّتين ومن أمثلتهما قوله تعالى : ( مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا ) (٦) ( وَما
__________________
(١) النور : ٢. (٢) النساء : ١٢٣.
(٣) البقرة : ١٩٧.
(٤ و ٥) النحل : ٤٩ و ٩٦. (٦) يس : ٥٢.