عبارة عن اللفظ المركّب ، فما سمعت عن شارحي المختصر والمنهاج من إجرائهما في المفردات أيضا غير سديد ، وسيلحقك زيادة توضيح لذلك إن شاء الله.
المقام الثالث
ربّما يظهر منهم خلاف في حقيقة الفرق بينهما حسبما جرى عليه اصطلاحهم ، حيث إنّ الأكثرين منهم جعلوا كلاّ ممّا وضع له اللفظ وما يلزم منه بأحد الوجوه الآتية من المنطوق ، إلاّ أنّهم فرّقوا بينهما بجعل الأوّل صريحا والثاني غير صريح كما أشرنا صريحا وستعرف تفصيله ، وخالفهم في ذلك شارح المنهاج فجعل مناط الفرق بينهما بكون المنطوق مدلول اللفظ والمفهوم ما يلزم من المدلول ، سواء كان لازما عن مفرد فمفهوم اقتضاء ، أو عن مركّب فمفهوم موافقة أو مخالفة كما ظهر ذلك من كلامه المتقدّم بعين عبارته.
وقضيّة إطلاقه في جعل مدلول اللفظ منطوقا من غير أن يعتبر معه الوضع كون المعاني المجازيّة بأسرها من المنطوق ، على ما تقدّم منه من جعل المعاني المفردة من المنطوق في الجملة ، فيكون المفهوم المقابل له أعم ممّا يلزم اللفظ عن مدلوله الحقيقي أو عن مدلوله المجازي ، فلو قال : « إرم » كان الرمي منطوقا وتحصيل القوس والمرمي مفهوما لتوقّف الأوّل عليه عقلا ، وكذلك لو قال : « إضرب » مريدا به الرمي مجازا ، ولو قال : « أعتق عبدك عنّي بألف » كان الإعتاق منطوقا والتمليك مفهوما لتوقّف الأوّل عليه شرعا ، وكذلك لو قال : « كفّر عنّي بعبدك على ألف » مريدا به الإعتاق مجازا.
ويظهر قبول هذه الطريقة من العلاّمة ـ على ما حكي عنه ـ في إيراده على ما حكاه عن بعضهم من تعريف المنطوق : « بما فهم من اللفظ في محلّ النطق » بأنّه منقوض بدلالة الاقتضاء ، فإنّ الأحكام المضمرة فيها مفهومة من اللفظ في محلّ النطق ، مع أنّه لا يقال فيها : أنّها دلالة المنطوق.
وممّا يلزم على هذا القول كون وجوب المقدّمة والنهي عن الضدّ من قبيل المفهوم ، لكون كلّ منهما لازما عن مركّب وهو الأمر بالشيء ، مع أنّه لم يقل به أحد.
ولو دفع في الأوّل بعدم اندراجه في ضابط مفهوم الموافقة وهو اختلاف الحكمين في الأولويّة ، ولا في ضابط مفهوم المخالفة وهو اختلافهما في الإيجاب والسلب ، كان الثاني متوجّها لمكان الاختلاف في الإيجاب والسلب.
وكيف كان فالوقوف مع الأكثر أولى وأجدر ، كما هو المعيار في معرفة الامور