على الأوّل بالزمان وعلى الأخيرين بالذات كما لا يخفى.
نعم على مذهب من يرى الواجب في المخيّر كلّيا وهو مفهوم « الأحد » لا مانع من اتّصاف البعض بالاستحباب ، بأن يكون متعلّق الوجوب هو الكلّي ومتعلّق الاستحباب هو الفرد كما في الصلاة في المسجد ، غير أنّه أيضا ليس من الاجتماع في شيء لتعدّد الموضوعين.
فإن قلت : إذا جاز اتّصاف الفرد بالاستحباب مع اتّصاف الكلّي بالوجوب من جهة تعدّد موضوعيهما فقد جاز اتّصافه بالحرمة مع اتّصاف كلّيه بالوجوب ، فيلزم اجتماع الأمر والنهي مع تعدّد الجهة لتعدّد موضوعيهما حسبما ذكروه في ثمرة الخلاف في الواجب المخيّر ، وهو اعتراف منك بخلاف ما ذكرته في منع تلك الثمرة.
قلت : إنّما منعنا عن ذلك ثمّة من جهة أنّ محصّله يرجع إلى أنّ الشارع إنّما تصوّر الحرام وغير الحرام وانتزع عنهما قدرا مشتركا وهو مفهوم « أحدهما » فأمر به ، وهو ممّا لا يتعقّل ولا يجري مثله في مفروض المقام ، إذ تصوّر المستحبّ وغير المستحبّ ثمّ الأمر بالقدر المشترك بينهما ممّا لا مانع عنه عقلا ، كما أنّ تصوّر المباحين ثمّ الأمر بالقدر المشترك بينهما ممّا لا مانع عنه.
نعم لا نضائق عن كون أحد فردي الواجب المخيّر أفضل من الآخر وثوابه أكثر ، كالإتمام في التخيير بينه وبين القصر في [ المواطن ] الأربع ، والاستنجاء بالماء في التخيير بينه وبين الأحجار ، ولا نظنّ فيه خلافا كما نفاه بعض الأعاظم ، ولكنّ الأفضليّة لا تستلزم الاستحباب بالمعنى الحقيقي.
الأمر السادس : لا إشكال في أنّ الواجب في المخيّر لا يتعيّن على المكلّف بقصد الشروع في واحد معيّن ، كما لا إشكال في أنّ الوجوب لا يسقط رأسا بالشروع فيه إلى أن يحصل الفراغ كما هو الشأن في سائر التكاليف ، ضرورة كون سقوط التكليف منوطا بحصول الفعل في الخارج حسبما اعتبره الشارع.
فهل يتعيّن الواجب بمجرّد الشروع في واحد معيّن فليس له العدول حينئذ إلى الفرد الآخر ومع عدوله لا يمتثل أو لا بل التخيير باق إلى أن يحصل الفراغ ، فلو عدل في الأثناء إلى الفرد الآخر كان ممتثلا ، فيه إشكال ، ينشأ من أنّ التخيير عبارة عن جعل الاختيار في تعيين ما يحصل به الامتثال من الأفراد المخيّر فيها للمكلّف ، أو عبارة عن جعل الاختيار في أداء ما يحصل به الامتثال من تلك الأفراد للمكلّف.