قصد امتثال الأمر الإيجابي بالجميع فلا ريب في تحريمه للتشريع ، وهل يوجب ذلك إخلالا في الصحّة بالنسبة إلى الواحد لا بعينه الّذي هو محلّ الوجوب أو لا؟
ولا يبعد التفصيل بين التعبّديّات فلا يمتثل أصلا إذ لم يأت بما هو وظيفته على وجهه وما أتى به لم يكن وظيفته ، وبين التوصّليّات فيمتثل لأنّ الغرض الأصلي من الأمر بها حصول المصلحة المعلومة وقد حصلت ، ولا يقدح قصد ما ليس من الوظيفة كما لا يخفى.
ـ تعليقة ـ
كما أنّ الواجب باعتبار الفعل ينقسم إلى تعييني وتخييري فكذلك باعتبار الفاعل ينقسم إلى فرض عين وفرض كفاية ، والشائع في لسانهم التعبير عنهما بـ « العيني » و « الكفائي » والأوّل خارج عن معقد الباب والثاني يعرّف تارة بما في تهذيب العلاّمة من أنّه : « كلّ فعل تعلّق غرض الشارع بإيقاعه لا من مباشر معيّن » ، واخرى : بما في زبدة البهائي من : « أنّه ما يسقط عن الكلّ بفعل البعض قطعا أو ظنّا شرعيّا » وثالثة بما في كلام بعض الأعلام من : « أنّه ما قصد به غرض يحصل بفعل البعض » ورابعة بما حكاه بعض الأفاضل من : « أنّه ما وجب على الجميع لا على سبيل الجمع » وفي معناه أيضا : « ما وجب على الكلّ على البدل ».
ويرد على الأوّل : البينونة بينه وبين المحدود ، حيث إنّ الملحوظ في الثاني الماهيّة ـ على ما هو شأن التحديدات ـ والمذكور في الحدّ الأفراد ، ولا ريب أنّها تبائن الماهيّة ، مضافا إلى خروجه بعدم صدق « كلّ فعل » على شيء من الأفراد غير منعكس ، مع أنّه لا يستقيم إلاّ على رأي من يجعل الوجوب على البعض الغير المعيّن ، لأنّ مفاد تعلّق التكليف بالكلّ لزوم مباشرة الكلّ ما لم يقم من يسقط التكليف بفعله عن الباقين ، وهو ملزوم لتعلّق الغرض بمباشرة المعيّن لمكان تعلّق التكليف بالقياس إلى كلّ بالمعيّن ، فنفي تعلّق الغرض بمباشرة المعيّن ملزوم لنفي تعلّق التكليف بالمعيّن وهو خلاف ما ذهب إليه المعرّف حيث يقول بتعلّق الوجوب بكلّ واحد.
ويرد على الثاني : انتقاضه في طرده بالواجب العيني التوصّلي كأداء الدين فيما إذا كان على كلّ واحد من المكلّفين فقام متبرّع وأدّاه عن الجميع ، فصدق عليه أنّه ما يسقط عن الكلّ بفعل البعض.