والقول بانضمام الاذن في الترك إليه باعتبار لزومه لرفع المنع الّذي اقتضاه النسخ ، موقوف* (١) على كون النسخ متعلّقا بالمنع من الترك الّذي هو جزء مفهوم الوجوب ، دون المجموع. وذلك غير معلوم ؛ إذ النزاع في النسخ الواقع بلفظ :
___________________________________
ولا ريب أنّ اقتران شيء بشيء ليس من تقوّمه به ليستحيل بقاؤه مع زواله ، فلا تقوّم لجنس الوجوب بفصله ، بل إطلاق الجنس والفصل هنا مسامحة أو اصطلاح آخر غير ما اصطلح عليه أهل المعقول ، ضرورة أنّ تجويز الفعل مع المنع من الترك بمنزلة الجنس والفصل من حيث إناطة تحقّقهما بجعل الآمر ، وهو ليس بمجبور في أمر مجعوله رفعا وإبقاء ، بل له رفع ما شاء وإبقاء ما أراد ما لم يؤدّ إلى التناقض.
مع أنّ من حكم الجنس والفصل المصطلحين صحّة حمل كلّ منهما على الآخر لاتّحادهما في الوجود الخارجي ، وهو السرّ في زوال الجنس بزوال الفصل ، لأنّ زوال الفصل لا يكون إلاّ بانتفاء الوجود ويلزم منه زوال الجنس أيضا ، وهو غير صحيح في الجنس والفصل الجعليّين ، فلا يقال : « تجويز الفعل منع من الترك » ولا « المنع من الترك تجويز الفعل » وهذا آية كونهما متمايزين في الوجود الخارجي ، على معنى كونهما موجودين بوجودين متغايرين.
ومن هنا يعلم أنّ الوجوب كغيره من الأحكام وإن كان ماهيّة مركّبة إلاّ أنّه ليس من قبيل المركّبات العقليّة المركّبة من الأجناس والفصول ، بل هو من قبيل المركّبات الخارجيّة ، لانتفاء ما هو من حكم المركّبات العقليّة من صحّة حمل أجزائها بعضها على بعض ، وثبوت حكم المركّبات الخارجيّة في أجزائها من عدم صحّة حمل بعضها على بعض لتغائر وجوداتها.
ومن ذلك اتّضح زيادة اتّضاح مضافا إلى ما مرّ أنّه لا تقوّم لأجزاء ماهيّة الوجوب بعضها ببعض ليزول المتقوّم منها بزوال المقوّم ، بل غايته اقتران بعض ببعض وانضمامه إليه كما في سائر المركّبات الخارجيّة.
ولا ريب أنّ الاقتران لا يوجب زوال البعض بزوال البعض الآخر.
(١) * هذا مع ما بعده يساعد على أنّ مراده ممّا ذكره في آخر الدليل من أنّ ادّعاء بقائه بنفسه هو الوجه الثاني من الاحتمالين المتقدّمين.