بين انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط على تقدير انتفاء غيره ممّا يحتمل كونه شرطا أيضا حال انتفاء ذلك الشرط ، وبين انتفائه عند انتفاء ذلك الشرط على كلا تقديري انتفاء غيره ممّا يحتمل كونه شرطا أيضا ووجوده.
ومن الدلالة عليه مطلقا المستندة إلى الإطلاق ، دلالة إطلاق الشرطيّة ـ على معنى السكوت عن ذكر القيد في معرض البيان ـ على انتفاء الجزاء عند انتفاء الشرط على كلا تقديري انتفاء غيره ووجوده ممّا يحتمل كونه شرطا.
وهذا نظير ما يقال : إنّ الأمر يدلّ على وجوب الفعل في الجملة ـ أي الوجوب المردّد بين المشروط والمطلق ـ بالوضع ، وعلى الوجوب المطلق أي الغير المتوقّف على حضور أمر غير حاصل بالإطلاق.
ووجه استناد الدلالة الثانية فيما نحن فيه الى الإطلاق هو أنّ انتفاء الشرط في جانب المدلول الالتزامي له إطلاق بالإضافة إلى وجود الغير معه وانتفائه ، فكونه بحيث اعتبره المتكلّم حال انتفاء الغير ممّا يحتمل كونه شرطا أيضا تقييد له بتلك الحالة في قضيّة انتفاء الجزاء عند انتفائه ، والإطلاق بمعنى السكوت عن ذكر القيد في معرض البيان ينفيه ، بنفي إرادة المقيّدة لئلاّ يلزم منافاة الحكمة من جهة أدائه إلى الإغراء بالجهل ، فنحكم على الشرط المذكور بأنّه ما يلزم انتفاء الجزاء عند انتفائه مطلقا ، أي سواء وجد معه غيره ممّا احتمل كونه شرطا أيضا أو انتفى ، فيثبت بذلك كون الشرط سببا على التعيين. وهذا هو معنى انحصار السبب.
ومن مشايخنا من جعل ظهور الجملة الشرطيّة في انحصار السبب وتعيينه لأجل الانصراف.
وتحريره : أنّ القضيّة بالوضع النوعي أو أداة الشرط بالوضع الشخصيّ تفيد سببيّة الشرط للجزاء مطلقا ، بالمعنى الدائر بين كونه سببا على التعيين أو كونه سببا على البدل باعتبار كونه أحد الأسباب ، وهذه السببيّة المطلقة تنصرف عند الإطلاق إلى كونه سببا على التعيين ، ولعلّه من جهة الغلبة إطلاقا أو وجودا.
فظهر بجميع ما ذكرناه نقلا وتحصيلا أنّ المثبتين للمفهوم بين قائل بدلالة التعليق عليه بالوضع تضمّنا. وربّما حكي ذلك عن السيّد الآتي ذكره (١) في بعض تأليفاته.
__________________
(١) السيّد بحر العلوم.