وليس المراد بكمال الفرد ونقصانه ما هو بالنسبة إلى أصل الماهيّة لوجوب وجود الماهيّة بتمامها في الفرد على معنى كون الحصّة الموجودة في الفرد منطبقة على تمام الماهيّة فلا يعقل النقصان فيه بالنسبة إليها وإلاّ لم يكن فرداً لها ، بل المراد بهما الكمال وخلافه في العرضيّات الّتي هي من قبيل الصفات الكماليّة.
فحاصل معنى كمال الفرد استجماعه لجملة من الصفات الكماليّة ومعنى نقصانه عدم استجماعه لذلك ، كنبوّة النبيّ بالنسبة إلى الرعيّة ، وخاتميّة نبيّنا ( صلى الله عليه وآله ) بالنسبة إلى الاُمّة ، وإمامة الوصيّ وولايته المطلقة بالنسبة إلى سائر الاُمّة ، وعالميّة العالم بالنسبة إلى الجاهل العامّي ، وما أشبه ذلك.
ولا ريب أنّ الكمال بهذا المعنى لا يوجب التشكيك وانصراف الماهيّة المدلول عليها بالمطلق إلى حيث تحقّقها في ضمن الفرد الكامل ما لم يكن الفرد الكامل معهوداً عند المتكلّم والمخاطب ، ومجرّد الكمال المفروض فيه لا يوجب المعهوديّة ، ولذا حصروها في المفرد بلام العهد الخارجي وجعلوا أسبابها ما عدا الكمال من تقدّم الذكر والحضور والمعهوديّة في الخارج ولم يلتفتوا إلى الكمال بالمعنى المذكور.
فانحصر سبب التشكيك في المطلقات المشكّكة في غلبة الإطلاق وندرته وإن كان منشأ عروضهما غلبة الوجود وندرته ، وهو المراد من شيوعه على معنى ظهوره عمّا بين أفراد الماهيّة من « شاع » بمعنى ظهر لا انتشر ، ويمكن أن يراد من كمال الفرد في قضيّة قولهم : « المطلق ينصرف إلى الفرد الكامل » شيوعه باعتبار غلبة الإطلاق أو هي مع غلبة الوجود إن اعتبرناها فلا مخالفة في المعنى حينئذ ، وقد تقدّم منّا في الجزء الأوّل من الكتاب في مباحث الكلّيّ والجزئي ما يرتبط بالمقام وإن اشتمل على بعض من التكلّف ، فليتدبّر.
المرحلة الثالثة
في حكم المطلق من حيث انصرافه إلى الأفراد الشائعة ، على معنى وجوب إجراء حكمه على الماهيّة من حيث تحقّقها في ضمن الأفراد الشائعة لا من حيث هي ليتساوى الأفراد الشائعة والنادرة ، فيكون الأفراد النادرة مسكوتاً عنها بالنظر إلى الخطاب ، وهذا هو المعروف من مذهب الاُصوليّين في كتب الاُصول المعلوم من طريقة الفقهاء في كتب الاستدلال من غير خلاف يظهر.
وفي كلام جماعة دعوى الاتّفاق عليه تارةً ونفي الخلاف عنه اُخرى ، ولم نقف على