اللحم » ثمّ قال : « اشتر لحم الغنم » أو قال : « ائتني بالماء » ثمّ قال : « ائتني بالماء البارد » ونحوه قول الطبيب للمريض : « اشرب السكنجبين » مع : « اشرب السكنجبين من العسل » أو لا؟ ولا يخلو المقام عن إشكال.
ويمكن بناء المسألة على أنّ الموجب لحمل المطلق على المقيّد إن كان حكم العقل بملاحظة تنافي مدلوليهما فلا حمل مع عدم العلم بوحدة التكليف لعدم معلوميّة التنافي ، فلا يحكم العقل بإرادة المقيّد من المطلق فيما اخذ بظاهر وضع الخطابين هيئة ومادّة المقتضي لتعدّد كلّ من الطلب والمطلوب ، وإن كان فهم العرف على معنى انفهام كون المقيّد في متفاهم العرف بيانا للمطلق كاشفا عن حقيقة المراد منه وهو الماهيّة المقيّدة ، فهو فرع على فهم وحدة التكليف من نفس الخطابين لابتناء البيانيّة الّتي هي عبارة اخرى للحمل عليها ، وهذا هو الأظهر وعليه طريقة العلماء قديما وحديثا في مقامات حملهم المطلق على المقيّد حيث لم نقف منهم على أحد أنّه قبل الحمل تحرّى في طلب الدليل على وحدة التكليف ، وهذا يكشف عن كونها ممّا يحرز بنفس الخطابين وينساق في متفاهم العرف على حدّ ما في الأمثلة العرفيّة المتقدّمة ونظائرها فليتدبّر.
ثمّ إنّهما إذا اجتمعا الشروط المتقدّمة بأسرها فإمّا أن يكونا مثبتين أو منفيّين أو مختلفين ، فالأقسام أيضا ثلاثة تذكر في مقامات ثلاث :
المقام الأوّل : في المختلفين كقوله : « أعتق رقبة » في كفّارة الظهار ، مع قوله : « لا تعتق كافرة » في كفّارة الظهار ، وفي معناه : « يحرم عتق الكافرة في كفّارة الظهار » وفي معناهما : « لا يصحّ عتق الكافرة » فالمعروف في حكم هذا القسم من غير خلاف يظهر وجوب حمل المطلق على المقيّد ، بل الظاهر أنّه محلّ وفاق بل في كلام بعضهم نقل الاتّفاق عليه ، ووجهه التنافي فإنّ مقتضى إطلاق المطلق بضميمة حكم العقل جواز الاجتزاء بعتق الكافرة ومقتضى المقيّد في نحو المثالين الأوّلين حرمة عتق الكافرة وهو يناقض جواز الاجتزاء به ، كما أنّه في المثال الأخير عدم صحّة عتق الكافرة وهو يناقض جواز الاجتزاء به فيحكم على المطلق بإرادة المؤمنة دفعا للتنافي.
ومن أمثلة هذا القسم ما لو قال : « لا تعتق في الظهار رقبة » أو « لا يصحّ في الظهار عتق الرقبة » مع قوله : « أعتق في الظهار رقبة مؤمنة » فيحكم على المطلق بإرادة الكافرة دفعا للتنافي. وبالتأمّل في أمثلة هذا القسم يعلم أنّ إطلاق حمل المطلق على المقيّد هنا