الأوّل ودلالته عليه وعدمه ، فلا حاجة مع ما بيّنّاه من التوجيه إلى تغيير العبارة ولا إلى تأويل فيها ، فلا وقع لما قد يعترض عليها من أنّ هذا الكلام يعطي وجود التعليق في القضيّة الوصفيّة كالتعليق الحاصل في القضيّة الشرطيّة ، وهو خلاف الوجدان لوضوح أنّ قوله : « أكرم عالما » أو « أكرم رجلا عالما » لم يعلّق فيه الحكم على الوصف كما علّق في الشرطيّة على الشرط ، بل حكم على الوصف أو الموصوف بأمر لا أنّه جعل الحكم معلّقا عليه ، ولو أبدل لفظ « التعليق » بالتعلّق أو يؤول كلامه بما يرجع إلى ما قلنا لسلم عن المناقشة ، وفيه ما فيه.
وممّا يفصح عمّا قرّرناه تعبير جماعة ـ منهم المنهاج وشرحه ـ عن العنوان بتقييد الحكم بالوصف أو تقييد الذات ببعض صفاتها ، وأقوى من ذلك تعبيرهم عن عنوان مسألة مفهوم اللقب بتعليق الحكم على الذات أو على الإسم مع إطباقهم عدا نادر أنّه لا مفهوم له ، فالتعليق في جميع عناوين مباحث المفاهيم يراد به الربط حتّى في عنوان التعليق على الشرط ، ولا ريب أنّه أعمّ من الربط السببيّ الّذي يقال له : العلقة السببيّة.
وكيف كان فتنقيح المبحث يستدعي رسم امور على وجه المبادئ :
الأمر الأوّل
ليس المراد بالوصف أو الصفة هنا ما يرادف النعت النحوي ولا ما يرادف المشتقّ ، بشهادة أنّه قد يمثل للتعليق على الوصف بما ليس من المشتقّ أو ما ليس من النعت النحوي ، كما في قوله عليهالسلام : « وما يؤكل لحمه يتوضّأ من سؤره ويشرب منه » وقوله تعالى : ( وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ )(١) وقوله أيضا : ( لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً )(٢) أي أمثالا متزايدة ، بل المراد به ما يقابل الذات أو الاسم [ المعبّر عنه باللقب في عنوان ] بحث مفهوم اللقب ، وفسّر بما هو العمدة في الكلام كالمسند إليه بل المسند أيضا ، فيراد بالوصف المقابل له ما هو الفضلة في الكلام ممّا أفاد نوع تخصيص للحكم وتقليل للشركاء.
كما يرشد إليه ما عن البرهان من عدّ جميع جهات التخصيص منه.
وما عن التفتازاني : « من أنّ المراد بتخصيص الوصف ما يفيد نقص الشيوع وقصر العامّ على البعض ، لا مجرّد ذكر صفة لموصوف ، فلا يرد ما يكون لمدح أو ذمّ أو تأكيد أو نحو
__________________
(١) الإسراء : ٣١.
(٢) آل عمران : ١٣٠.