أصل
اختلفوا في دلالة النهي على فساد المنهيّ عنه ، على أقوال* (١).
_______________________________
النهي في معنييه الحقيقي والمجازي ، لعدم ثبوت هذا النهي بالنسبة إلى الخروج إلاّ من عموم النهي عن الغصب ولذا فرض كونه موردا لاجتماع العامّين من وجه ، والمفروض أنّه بالنسبة إلى مورد الافتراق مستعمل في التكليف الحقيقي والتكليف الابتلائي عنده معنى مجازي في كلّ من الأمر والنهي.
وعن الرازي الاحتجاج على عدم النهي بما يرجع إلى : « أنّ النهي تكليف ، والتكليف مشروط بالإمكان ، ولا إمكان مع الخروج امتثالا للأمر » وعلى ثبوت المعصية : « بأنّ دوام المعصية ينفكّ عن النهي ».
ووجّه : « بأنّ المعصية في الفعل لا تنحصر في فعل المنهيّ عنه وترك المأمور به بل ذلك إنّما هو في أوّل الأمر وإلاّ فقد يحصل بفعل ما يكون حاصلا بسبب فعله الاختياري » (١) وكأنّ حاصل مراده : أنّ هذه المعصية تتبع الخطاب الأوّل المتوجّه إلى المكلّف قبل الدخول في الدار المغصوبة فإنّ قوله : « لا تغصب » في ذلك الوقت يشمل بعمومه جميع أفراد الغصب من الدخول والمشي إلى الوسط والإقامة هنا والخروج ، فيكون الخروج حين تحقّقه مخالفة لذلك الخطاب وإن كان نهيه قد ارتفع بواسطة الأمر ، وهذا هو معنى انفكاك دوام المعصية عن النهي.
ففيه : أنّ صدق المخالفة على هذا الوجه لا يؤثّر في ترتّب العقاب أو استحقاق العقوبة إلاّ إذا بقيت على قبحها ، ولا يسلّم ذلك إلاّ إذا لم يكن الخروج بقصد التخلّص لوضوح أنّ قصد التخلّص يوجب الحسن الرافع لقبحه ومعه لا معنى لترتّب العقاب عليه.
فتلخّص بملاحظة كلماتنا أنّ الأوفق بالقواعد ما فصّله السيّد ، فتدبّر ولا تغفل.
(١) * ينبغي قبل الخوض في تحقيق المسألة رسم امور من باب المبادئ.
أحدها : ظاهر العنوان المذكور مع ما هو المستفاد من مطاوي كلامهم تصريحا وتلويحا أنّ المراد من الفساد المتنازع فيه ما يستند إلى النهي ، بحيث لو لاه أو لو لا دلالته على القول به كان المورد محكوما عليه بالصحّة ، ولا يكون كذلك إلاّ إذا كان هنا عنوان كلّي من
__________________
(١) الموجّه هو المحقّق القمّي رحمهالله في حاشية القوانين ١ : ١٥٤.