احتجّ المخالف بوجهين* (١) ، الأوّل : أنّ السيّد إذا أمر عبده بخياطة ثوب ، ونهاه عن الكون في مكان مخصوص ، ثمّ خاطه في ذلك المكان ، فانّا نقطع بأنّه مطيع عاص لجهتي الأمر بالخياطة والنهي عن الكون.
الثاني : أنّه لو امتنع الجمع ، لكان باعتبار اتّحاد متعلّق الأمر والنهي ، إذ لا مانع سواه اتّفاقا. واللازم باطل ؛ إذ لا اتّحاد في المتعلّقين. فانّ متعلّق الأمر الصلاة ، ومتعلّق النهي الغصب ، وكلّ منهما يتعقّل انفكاكه عن الآخر ، وقد اختار المكلّف جمعهما ، مع إمكان عدمه. وذلك لا يخرجهما عن حقيقتهما اللتين هما متعلّقا الأمر والنهي ، حتّى لا يبقيا حقيقتين مختلفتين ؛ فيتّحد المتعلّق.
_______________________________
البراءة الواجب تحصيله بعد الاشتغال اليقيني ـ خروج عن الاستدلال بعدم إمكان نيّة القربة.
وأمّا الوجه السادس فيمكن المناقشة فيه أيضا : بأنّ الشارع لم يقل : « لا تركع هذا الركوع » بل قال : « لا تغصب » كما أنّه لم يقل : « اركع هذا الركوع أو غيره » بل قال : « صلّ ».
غاية الأمر أنّ المكلّف جمعهما في شخص واحد من غير توجّه الخطاب إليه ، والتشبّث بالتخيير اللازم من الأمر بالكلّي وهو بالقياس إلى الفرد قبيح لتعيّن تركه المانع من فعله رجوع إلى أحد الوجهين الأوّلين ، فلا ينبغي عدّه دليلا آخر.
(١) * احتجّ أهل القول بجواز الاجتماع بوجهين بل بوجوه :
منها : ما قرّره المصنّف من أنّ السيّد إذا أمر عبده بخياطة الثوب ونهاه عن الكون في مكان مخصوص ثمّ خاطه في ذلك المكان فإنّا نقطع بأنّه مطيع عاص لجهتي الأمر بالخياطة والنهي عن الكون.
ومحصّل هذا الوجه يرجع إلى التمسّك بفهم العرف استكشافا عن عدم المنافاة بين الوجوب والحرمة ، أو عن جدوى تعدّد الجهة في تكثير الموضوع ، وإلاّ لما حكم على العبد المذكور بالإطاعة والعصيان ، فإذا جاز ذلك في العرف لجاز في الشرع أيضا لأنّ خطابات الشارع واردة على طبق القواعد العرفيّة.
وربّما يؤكّد هذا التقرير من الدليل بعبارة أوضح وأصرح في الدلالة على الاجتماع فيقال : إنّ السيّد إذا أمر العبد بالخياطة في الجملة ونهاه عن شغله المكان المخصوص وقال :