والنهي هنا وواقع بينهم ، فإنّهم بعدما أثبتوا عدم التنافي بينهما في شيئين بينهما عموم من وجه بحثوا فيما يكون بينهما عموما مطلقا استعلاما للحال فيه من حيث التنافي وعدمه.
وهذا أردأ الوجوه لوضوح فساده بعموم البحث للفريقين في المسألتين لاختلاف جهة البحث فيهما ، وأمّا الوجوه الاخر فكلّها متلازمة ، فإنّ كون هذه المسألة عقليّة كما نبّهنا عليه في مفتتح البحث ممّا لا سترة عليه بخلاف المسألة الآتية فإنّها لفظيّة اصوليّة ، وكون المأمور به في عنوان هذه المسألة أعمّ من وجه من المنهيّ عنه وفي المسألة الآتية أعمّ مطلقا أيضا واضح لا سترة عليه كما عرفت ، فالتعميم المصرّح به في كلام الفاضل المتقدّم غير سديد ، وإن كان ما ذكره من كون النزاع هنا فيما تعلّق الأمر والنهي بطبيعتين متغائرتين بحسب الحقيقة حقّا ، بناء على أن يكون مراده من التغاير تغايرهما بحسب المفهوم مع اتّحادهما في مورد الاجتماع مصداقا.
وأمّا ما ذكره من مثال الأمر بالحركة والنهي عن التداني إلى موضع مخصوص فهو خارج عن المسألتين ، أمّا المسألة الآتية فلعدم كون المأمور به ولا المنهيّ عنه عبادة ولا معاملة فلا يصحّ النزاع في دلالة النهي في نحوه على الفساد.
وأمّا هذه المسألة فلأنّ الدنوّ إلى الموضع المخصوص وإن لم يكن من حقيقة الحركة ولكنّه مستلزم له بل متوقّف عليه إذ لا طريق له إلاّ الحركة فيحرم هذه الحركة مقدّمة ، فيرجع فرض شمول الأمر لها أيضا إلى اجتماع الأمر النفسي والنهي الغيري ، وهو مع ذلك من اجتماع الأمر التخييري والنهي التعييني وقد تقدّم بيان عدم الخلاف في امتناع كلّ منهما وإن كان التخيير في الأمر عقليّا.
المقدّمة السابعة
في تأسيس الأصل وهو يؤسّس من جهات :
الجهة الاولى
الأصل العقلي الجاري فيما إذا دار الشيء بين إمكانه وامتناعه ، فقد يقال : إنّ الأصل مع المجوّزين لأصالة الإمكان فيما لم يقم على امتناعه برهان ، وهذا الأصل معروف وربّما خفي مدركه ومعناه ، فوجّه بأنّ معناه ما يكشف عنه احتياج المدّعي للامتناع إلى تجشّم الاستدلال فهو مطالب بالدليل ، بخلاف المدّعي للإمكان بعد اتّفاقهما على أنّ الشيء ما لم يوجد دليل على وجوده يحكم عليه بعدم الوجود ، فإنّه في فسحة عن تجشّم الاستدلال