بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أصل
المشهور بين أصحابنا أنّ الأمر بالشيئين أو الأشياء على وجه التخيير يقتضي إيجاب الجميع ، لكن تخييرا * (١)
________________________________
بحث في الواجب المخيّر (١) *
واعلم أنّ الأمر باعتبار الفعل المأمور به ينقسم إلى التعييني والتخييري ، وذلك لأنّ الأمر كائنا ما كان مسبوق حصوله على تصوّر الفعل المأمور به لا محالة ، فالآمر إمّا أن يتصوّر الشيء باعتبار مصلحة لا تتأتّى في الخارج إلاّ بحصول ذلك الشيء بعينه ، أو باعتبار مصلحة تتأتّى بحصوله وبحصول غيره ثنائيّا أو ثلاثيّا وهكذا لقيامها في الجميع.
فعلى الأوّل يسمّى الأمر المتعلّق بذلك الشيء : « تعيينيّا » والمأمور به واجبا معيّنا.
وعلى الثاني يسمّى الأمر : « تخييريّا » والمأمور به واجبا مخيّرا إن كان كلّ ممّا قام به المصلحة قابلا لتعلّق الطلب به ، بأن يكون من مقولة الأفعال الاختياريّة للمكلّف.
ومن خواصّ الأمر التعييني عدم حصول امتثاله إلاّ بأداء المأمور به المعيّن ، ومن لوازم الأمر التخييري حصول امتثاله بكلّ واحد من الأبدال الّتي تعلّق بها الطلب تخييرا ، ولا غرض يتعلّق بالواجب المعيّن في هذا الباب وإنّما المقصود بالأصالة من عقد الباب البحث عمّا يتعلّق بالواجب المخيّر ، فلذا لم يتعرّض الجماعة ومنهم المصنّف في هذا الباب لذكر المعيّن ، وأمّا الواجب المخيّر فتنقيح البحث فيه يستدعي رسم مقامات :
المقام الأوّل
في شرح ماهيّة الواجب المخيّر
ولمّا كان ذلك نوعا من الواجب فينبغي الإشارة أوّلا إلى ما يقضي بتحديد الواجب مطلقا.