مباحث القضايا بقوله : « ليس كلّ » يحتمل أن يكون سلبا كليّا بأن يقصد بحرف السلب سلب المحمول عن الموضوع المذكور وهو كلّ واحد واحد ، وأن يكون سلبا جزئيّا بأن يقصد به سلب القضيّة » تبعا لشارح المطالع فيما حكي من قوله : « والصواب أن يقال « ليس كلّ » و « ليس بعض » إمّا أن يعتبر سلبهما بالقياس إلى القضيّة « فليس كلّ » مطابق لرفع الإيجاب الكلّي و « ليس بعض » لرفع الإيجاب الجزئي ، وإن اعتبر بالقياس إلى المحمول « فليس كلّ » مطابق للسلب الكلّي و « ليس بعض » للسلب الجزئي ».
وارد على خلاف التحقيق ، لأنّ السلب المستفاد من « ليس » نظرا إلى ظاهر اللفظ لا يتوجّه إلاّ إلى المحمول وهو هنا خبر « ليس » خصوصا مع ملاحظة نصبه أو جرّه بالباء الزائدة ، فهو بهذه الملاحظة لا يتحمّل توجّهه إلى القضيّة وهي الموجبة الكلّية ، كما إذا قصدت ردّ من قال : « كلّ حيوان إنسان » أو « كلّ إنسان كاتب » تقول : « ليس كلّ حيوان انسان » أو « ليس كلّ انسان كاتب » برفع المحمول ، إلاّ إذا صرف المحمول عن كونه خبرا لـ « ليس » حتّى ينصرف الموضوع عن كونه اسما له فيقدّر اسمه ضمير الشأن أو القصّة فيكون خبره جملة المبتدأ والخبر ، فإذا ساعد على هذه التكلّفات قرينة مقام أو مقال ومنه رفع المحمول صحّ توجّه السلب إلى القضيّة [ و ] مفاده [ حينئذ ] رفع الإيجاب الكلّي وإلاّ فلا.
لا يقال سور القضيّة بمنزلة القيد لأنّ تقدير : « كلّ إنسان كاتب » الإنسان كلّه كاتب ، فاذا ورد عليها السلب رجع إلى القيد ، وظاهر أنّ نفي القيد لا ينافي ثبوت المقيّد بدونه ، فصدق أنّ « ليس كلّ » في قولنا : « ليس كلّ إنسان كاتبا » رفع للإيجاب الكلّي ، لمنع توجّه النفي إلى نحو هذا القيد الّذي هو سور القضيّة ، بل القيد هنا يرجع إلى النفي لكونه آلة لإدراك حال الحكم من حيث تسرّيه إلى جميع أفراد الموضوع.
ثمّ إنّ لفظ « الجميع » و « أجمع » وأخواتهما وإن كان يشارك « الكلّ » في إفادة الاستغراق على وجه الحقيقة غير أنّها تفارقه في أنّها أظهر في استغراق الأجزاء سواء وردت في مقام التأكيد أو في غيره ، وعلى قياسها « كافّة » و « عامّة » و « قاطبة » فتأمّل.
الفصل الثاني
في « من » و « ما » المعدودتين في بعض اعتباراتهما من ألفاظ العموم قال الشيخ في العدّة عند تعداد صيغ العموم :
« فمنها : « من » في جميع العقلاء إذا كانت نكرة في المجازاة والاستفهام ومتى وقعت