فتعيّن استناده إليهما معا ، بخلاف الأسباب الشرعيّة فإنّها بواعث على جعل الحكم كالوجوب مثلا ، والجعل من فعل الشارع وهو في فعل الجعل فاعل مختار لاختياره في تركه ، فالحكم المجعول أثر له لا للسبب.
نعم يصحّ إسناده إليه إسنادا مجازيّا ، وحيث إنّ المجاز باب واسع فإذا اجتمع سببان [ كان ] إسناده إلى كلّ منهما مجازا ، وهذا هو معنى جواز توارد العلل الشرعيّة على معلول واحد لكونها من قبيل المعرّفات ، ولأجل ذا يصحّ قصدهما معا إن اعتبرنا قصد السبب في النيّة كما في تداخل الأغسال الواجبة.
ومن فروعه انعقاد النذر في الفريضة مع سبق وجوبها الأصلي ، ويجوز فيها قصد الوجوب النذري وإن لم يثبت لكفاية الوجوب الشأني أو اكتفاء في قصده بوجود الجهة المقتضية له ، ومن ثمرات انعقاده وجوب الكفّارة على تقدير المخالفة له ، لا لأنّ جعله معلّق على أصل النذر بل على مخالفته ، فلا يلزم التبعيض في الآثار المترتّبة على النذر بحصول بعضها وهو وجوب الكفّارة وعدم البعض الآخر وهو وجوب الفعل المنذور ، فالنذر نفسه سبب لوجوب الفعل ولو شأنا ومخالفته سبب لوجوب الكفّارة ، ويكفي في كون مخالفته إثما وموجبا للكفّارة ثبوت الوجوب الشأني نظرا إلى تحقّق مقتضي الوجوب الفعلي المصادف لوجود المانع وهو المثل.
تذنيب
قد عرفت في مقدّمات المسألة أنّ فيها قولا بالتفصيل بين العقل فيجوّز اجتماع الأمر والنهي والعرف فلا يجوّز ، كما عن جماعة من متأخّري أصحابنا كالأردبيلي وسلطان العلماء في حاشية المختصر والسيّد صاحب الرياض ، والمحكّي من احتجاجهم على الأوّل ما مرّ في حجّة المجوّزين ، وعلى الثاني : أنّ أهل العرف يفهمون التعارض بين قولنا : « صلّ » وقولنا : « لا تغصب » ونظائره ، ولم نقف من هؤلاء على عبارة إلاّ ما عن السيّد في رسالته المنفردة (١) في هذه المسألة من قوله : « المراد بعدم جواز الاجتماع أو جوازه جواز الحكم بحصول المعصية والامتثال فيما اجتمع فيه الجهتان وكلّ منهما عبارة عن إتيان العباد بما كلّفوا في الأمر من جهته فامتثلوا وبما نهوا عنه فعصوا ، وكلّ من الأمر والنهي موقوف على معلوميّة إرادة السيّد ذلك ولا يمكن العلم به ومعرفته الآن إلاّ بواسطة الألفاظ ودلالتها ،
__________________
(١) لم نعثر عليها.