وبه قال العلاّمة في النهاية ، وبعض المحقّقين من العامّة* (١). وقال أكثرهم بالبقاء ، وهو مختاره في التهذيب** (٢)
لنا : أنّ الأمر إنّما يدلّ على الجواز بالمعنى الاعمّ ـ اعني الاذن في الفعل فقط ـ وهو قدر مشترك بين الوجوب ، والندب ، والإباحة ، والكراهة. فلا يتقوّم إلاّ بما فيها من القيود ، ولا يدخل بدون ضمّ شيء منها إليه في الوجود ، فادّعاء بقائه بنفسه بعد نسخ الوجوب غير معقول*** (٣)
___________________________________
فما اعترض عليه بعض الأواخر من أنّ الأصل بهذا المعنى ممّا لا يتصوّر له معنى في المعاملات ليس على ما ينبغي.
(١) * وكأنّ مراده الغزالي من بعض المحقّقين من العامّة ، لأنّه الّذي عزي إليه هذا القول على ما في المنية.
(٢) ** أي مختار العلاّمة ، وحكاه في المنية عن فخر الدين وأتباعه ، ويظهر منه الميل إليه بل اختياره أيضا ، حيث زيّف حجّة المانع ودفع اعتراضه على حجّة المثبت الّتي قرّرها ـ كما حكاها المصنّف ـ وسكت عليها ، واختاره جماعة منّا أيضا ، وهو مختار المحقّق على ما يظهر ممّا حكي عنه من القول ببقاء الاستحباب.
(٣) *** وآخر كلامه مع سابقه ولاحقه لا يخلو عن تشويش واضطراب ، إذ لا يدري أنّ مراده من بقائه بنفسه هل هو بقاؤه بانفراده وبدون انضمام قيد آخر إليه كما هو قضيّة كلامه السابق ، أو بقاؤه بلا مقتضي للبقاء على معنى أنّه لا مقتضي لبقائه بعد النسخ حتّى ينضمّ إليه القيد الآخر وهو الإذن في الترك اللازم من رفع المنع من الترك كما يقتضيه كلماته اللاحقة.
وعلى الاحتمال الأوّل ينطبق ما قد يقال في تقرير الدليل من : أنّ نسخ الوجوب يقتضي زوال فصله وهو المنع من الترك وزوال الفصل يقتضي زوال جنسه ، لأنّ الجنس مقوّم بالفصل ولا يعقل بقاء للمقوّم مع زوال المقوّم ، والأصل ما حقّقه علماء المعقول من أنّ الأجناس لا تحقّق لها في الخارج إلاّ بانضمام الفصول إليها ، فهي متقوّمة بالفصول فلا يعقل لها بقاء مع ارتفاع [ الفصول ] وكذلك الحصّة الجنسيّة المتحقّقة في ضمن الفصل المعيّن الّذي يتحصّل من انضمامه إليها النوع الّذي يحلّله العقل إلى جنس وفصل ، فإذا زال الفصل