الوجهين من أخذ القضيّة فرضيّة أو استفادة العلّيّة من التعليق بالوصف ولو بملاحظة الخارج في خصوص المقام لئلاّ ينافي ذلك مذهب المجوّزين للاجتماع ، والأظهر هو الثاني بملاحظة أنّ تعليق الحكم على الوصف المناسب ممّا يفيد العلّيّة في متفاهم العرف كما هو الحال في نحو : « أكرم العلماء » و « لا تكرم الفسّاق » فمورد الحكمين المتضادّين حينئذ على تقدير الاجتماع هو شخص الإكرام المتعلق بذات زيد العالم الفاسق مثلا وهو محال.
المقدّمة الثانية
كلّ من الأمر والنهي باعتبار الوقوع الخارجي ينقسم إلى الإلزامي وغيره ،وإن اختصّ بحسب الوضع بالإلزامي ، ومرتفع الإثنين في المثلين أربع ، والظاهر اختصاص العناوين واختصاص أمثلة الباب بالإلزاميّين أعني الأمر الإيجابي والنهي التحريمي ، ويؤيّده أيضا ما في كلام المجوّزين من أنّ الآتي بمورد الاجتماع مطيع عاص لجهتي الأمر والنهي لأنّ العصيان لا يكون إلاّ في النهي التحريمي.
ويشهد به أيضا نقض المجوّزين للمانعين بما ورد في الشريعة من العبادات المكروهة ، فإنّ النقض بما يكون من أفراد محلّ البحث لإثبات الحكم لبعضها الآخر ممّا لا معنى له ، مضافا إلى دفع المانعين له بتجشّم التأويل والتوجيه في معنى الكراهة المخرج لها من معناها المصطلح من دون تعرّض أحد لدفعه بكونه مصادرة على المطلوب ، فيكون النقض مع دفعه قرينة على خروج الغير الإلزاميّين من محلّ النزاع.
ويمكن التعميم لهما أيضا إن كان فيما بين العبادات المكروهة ما كان نسبته مع المأمور به الإيجابي أو الندبي عموما من وجه كالكون في مواضع التهم مع الصلاة ، نظرا إلى عموم أدلّة المنع من لزوم تكليف ما لا يطاق الّذي مناطه تعذّر امتثال التكليفين معا ولزوم اجتماع المتضادّين في محلّ واحد إن صحّحنا الاتّحاد الخارجي في نحو المثال ، لأنّ الأحكام بأسرها يضادّ بعضها بعضا ، ولا شهادة في نقض المجوّزين ودفع المانعين بخلافه ، بل تعرّض المانعين لدفع النقض لتوجيه الكراهة بأحد الوجوه الآتية من إرجاعها إلى أمر خارج أو حملها على أقليّة الثواب أو على المرجوحيّة الإضافيّة الغير المنافية للرجحان الذاتي ربّما يشهد بعموم المنع عندهم كما هو الحقّ على ما سنقرّره ، ولمّا كان القوم خصّوا العنوان بالإلزاميّين فنحن أيضا نجري الكلام على هذا العنوان أوّلا إقتفاءا لإثرهم ثمّ نتبعه بالبحث عن غيرهما تحقيقا للحال وتعميما للمقال.