عليه فيه على سبيل الحقيقة ، وإلاّ كان إسم الجنس الخالي عن « اللام » والتنوين أيضا نكرة لاشتراكه مع المنوّن في عدم اعتبار تعيين الطبيعة وهو خلاف ما علم ضرورة من عرفهم ، وما يوجد كثيرا في عبائرهم من إطلاق المنكر على المنوّن لا يقصد به إلى إفادة كونه نكرة في الاصطلاح بل إلى إفادة عدم كونه معرفة فيه ، وما قد يوجد في بعض الأحيان من إطلاق النكرة عليه فهو ليس على الحقيقة بل يطلق مجازا لأنّه يشبه النكرة صورة لا معنى ، ولو اريد به الشباهة باعتبار المعنى أيضا فإنّما هو لمجرّد مشاركتهما في عدم اعتبار التعيين وإن كانا يتفارقان في أنّه في أحدهما بالنسبة إلى الطبيعة وفي الآخر بالنسبة إلى الفرد.
وثانيهما : أنّ النكارة الداخلة في معنى النكرة ليست عبارة عن اعتبار عدم تعيين الفرد كما نبّهنا عليه سابقا وإلاّ لم يصلح لشيء من الأفراد الخارجيّة ، ضرورة عدم وجود الفرد المأخوذ بشرط عدم التعيين في الخارج ، بل هي عبارة عن اعتبار تعيينه على معنى أنّ المتكلّم لم يعيّن الفرد في موضوع حكمه وإن كان الفرد في نفسه باعتبار كونه عبارة عن الحصّة الموجودة في الخارج من الماهيّة لزمه التعيّن ، بضابطة أنّ الشيء ما لم يتشخّص لم يوجد وما لم يوجد لم يتشخّص ، والمراد بالتشخّص هو التعيّن.
وكيف كان فثاني القسمين : أن يلحقه تنوين التنكير الّذي من جهته يسمّى نكرة ومعناها الماهيّة من حيث وجودها في ضمن فرد واحد لا بعينه ، أيّ فرد من الماهيّة لا بعينه على معنى عدم اعتبار التعيين معه في موضوع الحكم ، وهذا الفرد المعيّن بحسب الخارج الّذي لم يعتبر تعيينه قد يؤخذ في إطلاق اللفظ عليه بحيث لا يكون معيّنا عند المتكلّم والمخاطب معا كما في : « جئني برجل » وقد يؤخذ بحيث لا يكون معيّنا عند المخاطب فقط كما في : « جاءني رجل » وقد يؤخذ بحيث لا يكون معيّنا عند المتكلّم فقط كما في : « أيّ رجل عندك؟ » وإطلاقه في جميع الصور الثلاث يقع على وجه الحقيقة وتعيين الفرد عند أحدهما كما في الصورتين الأخيرتين كتعيينه الخارجي لا ينافي عدم اعتبار تعيينه في دلالة اللفظ عليه على ما هو مدلول التنوين بحسب وضعه.
فحقيقة النكرة باعتبار التنوين ما لا يدخل التعيين في معناه المستعمل فيه ، فلو دخل كما لو قال : « جاءني رجل » أو « جئني برجل » مريدا به معنى « زيد » مثلا كان مجازا باعتبار التنوين ، لدخول ما ليس بداخل في الموضوع له في المستعمل فيه وهو التعيين لا باعتبار مدخوله ، لإمكان فرض الحقيقة من جهته بإرادة الجنس منه وخصوصيّة تقييده