المطلب الثالث
في العموم والخصوص* (١)
_______________________________
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(١) * وكأنّ التعبير بذلك ـ كما في العدّة والمنهاج أيضا ـ للمح أنّ أغلب المباحث اللاحقة للعامّ والخاصّ إنّما هو من حيث العموم والخصوص ، أو أنّه مسامحة في التعبير ، وإلاّ فموضوع الباب المقصود بالبحث في مباحثه إنّما هو العامّ والخاصّ كما عبّر بهما الأكثر.
ولذا تراهم متّفقين على تعريف العامّ أو هو مع الخاصّ لا العموم والخصوص.
وكيف كان فهذا المبحث كمباحث الأوامر والنواهي والمفاهيم والمطلق والمقيّد من أظهر المباحث الاصوليّة الباحثة عن أحوال الأدلّة.
ولا ينافيه تعلّقها بأحوال اللفظ الموجب لكون المسألة من هذه الجهة لغويّة ، لأنّ العمدة من أدلّة الأحكام الكتاب والسنّة وهما لفظيّان والبحث عنهما لجزئهما الّذي منه العامّ والخاصّ كالأمر والنهي والمنطوق والمفهوم والمطلق والمقيّد بحث عن حال الدليل ولذا يسمّى هذه الموضوعات في بعض الكتب الاصوليّة مشتركات الكتاب والسنّة.
ولا ينافي هذه التسمية بالنسبة إلى العامّ والخاصّ للحوق وصفي العموم والخصوص للإجماع المنقول الّذي ليس من الكتاب ولا السنّة ، لما قرّر من أنّه باعتبار العبارة الناقلة دليل لفظي يلحقه جميع أحكام اللفظ ، فقد يكون عامّا وقد يكون خاصّا وقد يكون مطلقا وقد يكون مقيّدا وقد يكون مجملا وقد يكون مبيّنا وهكذا وذلك إمّا لأنّ النظر في هذه التسمية إلى ما هو الغالب في الدليل اللفظي ، أو لأنّ تدوين الإجماع المنقول والبحث عن حجّيّته وعدّه من الأدلّة إنّما حدث من المتأخّرين ، والتسمية المذكورة جرى على مذاق القدماء الخالي كتبهم عن تدوينه والبحث عن حاله ، أو لأنّ السنّة أعمّ من التفصيليّة والإجماليّة والإجماع المنقول على القول بحجّيّته استنادا إلى أدلّة حجّيّة خبر الواحد الّتي منها آية النبأ سنّة إجماليّة ، بناء على أنّ البحث عن حجّيّة خبر الواحد بحث عن حال السنّة لرجوعه إلى أنّها هل تثبت بخبر العدل أو لا؟
ومنها الإجماع المنقول فيلحقه من المباحث والأوصاف الّتي منها التسمية المذكورة ما يلحقها فيدخل عامّه وخاصّه في عامّ السنّة وخاصّها ، وبهذا الاعتبار يندرج في عنوان المشتركات أيضا.