احتجّ المجوّزون بوجوه : الأوّل لو لم يصحّ التكليف بما علم عدم شرطه ، لم يعص أحد* (١) واللازم باطل بالضرورة من الدين. وبيان الملازمة : أنّ كلّ ما لم يقع ، فقد انتفى شرط من شروطه ، وأقلّها إرادة المكلّف له ؛ فلا تكليف به ؛ فلا معصية.
الثاني لو لم يصحّ ، لم يعلم أحد أنّه مكلّف. واللازم باطل** (٢). أمّا الملازمة ، فلأنّه مع الفعل ، وبعده ينقطع التكليف ، وقبله لا يعلم لجواز أن لا يوجد شرط من شروطه فلا يكون مكلّفا.
لا يقال : قد يحصل له العلم قبل الفعل إذا كان الوقت متّسعا ، واجتمعت الشرائط عند دخول الوقت. وذلك كاف في تحقّق التكليف.
لأنّا نقول : نحن نفرض الوقت المتّسع زمنا زمنا ، ونردّد في كلّ جزء جزء ، فإنّه مع الفعل فيه ، وبعده ينقطع ، وقبل الفعل يجوز أن لا يبقى بصفة التكليف في الجزء الآخر ؛ فلا يعلم حصول الشرط الّذي هو بقاؤه بالصفة فيه ، فلا يعلم التكليف. وأمّا بطلان اللازم فبالضرورة.
___________________________________
من جهة ظهور التعليق في الجهل ، ولو سلّم فيتطرّق المنع إلى دعوى الظهور كما تقدّم ولو سلّم لكفى فيه جهل المأمور وعدم جزمه بعدم الشرط ، ولزوم اللغو والسفه حينئذ في التعليق كما تقدّم أمر آخر لا مدخل له في الدليل.
والخامس بخروج الطلب من الميّت عن المتنازع فيه ، لاتّفاق الفريقين على عدم صحّته لكون الخطاب لغوا وسفها من جهة عراه عن فائدتي الامتثال والعزم عليه ، لامتناعهما من الميّت ، فهذا نقض للمجوّزين بما اتّفق الفريقان على بطلانه ، مع عدم الملازمة كما هو محكيّ السيّد في المنية عنهم ، وقد تقدّم نقل عبارته عند شرح عبارة المصنّف المشتملة على قوله : « لكن لا تعجبني الترجمة » إلى آخره فلاحظ وتدبّر.
(١) * وأخصر ما ذكر في تقرير هذا الوجه وأتمّه ما في عبارة المختصر من : « أنّه لو لم يصحّ لم يعص أحد أبدا ، لأنّه لم يحصل شرط وقوعه من إرادة قديمة أو حادثة ».
(٢) ** وأخصر عباراته ما في المختصر أيضا من : « أنّه لو لم يصحّ لم يعلم تكليف ، لأنّه