والصدق الضارّ هو النفع والضرر والقول بأنّ موضوعه هو الكذب النافع والصدق الضارّ ، بتقريب : أنّ النفع والضرر إذا كانا علّتين للحكم فكيف يؤخذان في موضوعه فإنّ الموضوع هو الذات المتّصفة على نحو دخول الاتّصاف وخروج الوصف لا الذات والوصف معا كالإضافة في ضرب التأديب الّذي يؤمر به وضرب التعذيب الّذي ينهى عنه.
وأمّا إطلاق العلّة والجهة التعليليّة على العالميّة في الأمر بإكرام زيد العالم فإنّما هو بعد استفادة العلّيّة من التعليق على الوصف المناسب ، باعتبار كون العالميّة من قبيل السبب المعرّف الكاشف عن مصلحة في إكرام زيد العالم فهي علّة الحكم في الحقيقة كما في سائر علل الشرع والأسباب الشرعيّة الّتي يقال لها : انّها معرّفات لا مؤثّرات.
وهذا هو السرّ في إطلاق السبب على ما يؤخذ شرطا في القضايا الشرطيّة كالمجيء في قولنا : « إن جاءك زيد فأكرمه » فإنّ إكرام زيد إنّما يجب لغرض ينوط بمجيئه فهو السبب الحقيقي والعلّة الباعثة على جعل الوجوب.
وأمّا إطلاقهما على مثل إسكار الخمر ونحوها في حكم التحريم فلأنّ السكر بمعنى فساد العقل في الخمر وسائر المسكرات مفسدة تعلّق غرض الشارع بدفعها فهو العلّة الباعثة على جعل التحريم.
وبالتأمّل فيما ذكرنا من ضابط الفرق يعلم أنّ الصلاتيّة والغصبيّة للكون الشخصي الواقع في الدار المغصوبة على ما هو من أمثلة المسألة ليستا من الجهات التعليليّة بل من الموضوع.
ولا نظنّ بأحد أنّه يتوهّم خلاف ذلك ، فما يشعره بعض العبارات من توهّم ابتناء النزاع في المسألة على جعل الجهتين تقييديّتين أو تعليليّتين ليس على ما ينبغي ، كما أنّ ما يقال : إنّ مرجع كونهما تقييديّتين إلى تعلّق الأحكام بالطبائع ومرجع كونهما تعليليّتين إلى تعلّقها بالأفراد ليس على ما ينبغي ، إلاّ أن يراد به أنّ الغرض من تعليق الحكم على الفرد حصول الطبيعة في الخارج وإن كان ذلك الغرض مقصودا لغرض آخر من الامور المعنويّة ، غير أنّه لا ينطبق على مذهب من يرى تعلّق الأحكام بالأفراد لشبهة عدم وجود الطبائع في الخارج كما عليه مبنى هذا القول على ما تقدّم في محلّه.
المقدّمة الخامسة
اضطربت كلماتهم في معنى العنوان وإن اشتمل في كلام الأكثرين على التعبير « باجتماع الأمر والنهي » لأنّه متشابه بين أن يكون مرادهم به اجتماع الوجوب والحرمة