كون بدليّة بعض عن بعض فيها ناشئة عن تعيين الشارع ، والتخيير في غير الشرعيّات ، والتخيير فيما بين الركعتين والأربع الثابت شرعا في المواطن الأربع ، والتخيير فيما بين تسبيحة وثلاث ، وإصبع وأصابع ، وأربعين وخمسين من منزوحات البئر بناءا على وجوب القدر الزائد على الأقلّ ، إلاّ أن يراد بالمغايرة النوعيّة ما يشمل المغايرة العدديّة.
وقد يدفع أيضا بجعل التغاير في القصر والإتمام تغايرا نوعيّا ، فأورد على طرده بصوم المسافر تعليلا بأنّ مغايرة القضاء للأداء لا تقصر عن مغايرة القصر والإتمام.
ويرد على طرده أيضا التخيير في المندوبات مع أنّ البدليّة وتعيين البدل من توابع الأمر الوارد على وجه التخيير فيكون من باب التحديد باللازم ، مع أنّها وصف قائم بجميع المتعادلين لكون كلّ بدلا عن الآخر وإن كان في حدّ ذاته أصلا ، وقضيّة التعريف اختصاصها بالبعض الموجب لكون غيره أصلا على الإطلاق.
فالأولى أن يقال في تحديده : « بأنّه ما اعتبر في وجوبه قيد عدميّ راجع إلى غير شرط وجوده » فخرج المندوب المخيّر بقيد « الوجوب » وبالقيد « العدميّ » المعيّن ، وبالأخير الموسّع والكفائي والقضاء والبدل الاضطراري كالتيمّم ونحوه ، لرجوع القيد العدمي المعتبر في وجوبها إلى شروط الفعل من زمان ومكان وفاعل وتمكّن ، ولا يصير بسبب اشتماله على لفظ « الوجوب » دوريّا لعدم كونه تحديدا للواجب بل لوصفه الّذي هو « المخيّر » من حيث وقوعه وصفا للواجب الّذي علم حدّه وماهيّته ، فلا توقّف لمعرفة الوجوب المأخوذ فيه على معرفة الواجب المخيّر بل تتوقّف على معرفة الواجب المطلق وهي لا تتوقّف على هذا الحدّ ، ولا يرد على طرده الواجب المشروط إذا كان شرطه أمرا عدميّا كعدم الحيض لوجوب الصلاة على المرأة ، لأنّه ليس معتبرا في وجوب الواجب بل هو معتبر في وجوب ما ليس بواجب كما لا يخفى.
المقام الثاني
في تحقيق ما اختلف فيه أنظار الاصوليّين في الواجب المخيّر من تعيين ما تعلّق به الوجوب ، وقد ذكروا فيه أقوالا متشتّة يأتي الإشارة إليها تفصيلا والعمدة منها قولان :
أحدهما : ما عزى إلى أصحابنا وجمهور المعتزلة من أنّ الواجب كلّ واحد على البدل ، فلا يجب الجميع ولا يجوز الإخلال بالجميع وأيّها فعل كان واجبا في نفسه لا أنّه بدل عمّا