وعن الثاني : أنّ مفهوم الغصب* (١) ، وإن كان مغايرا لحقيقة الصلاة ، إلاّ أنّ
_______________________________
عن اللغة ، حيث إنّ مقتضى تركيب الكلام لغة طروّ التخصيص بواحد من الأمر أو بقرينة عقليّة أو عرفيّة فالإتيان بما ينافيه يخالف اللغة أيضا.
فإن قلت : إنّا نقطع في جميع الأمثلة المذكورة بأنّ العبد إنّما يستحقّ العقوبة لمخالفته النهي لا الأمر ، حتّى أنّه لو عاقبه المولى على مخالفة الأمر ذمّه العقلاء وهذا شاهد على حصول الإطاعة من جهة الأمر ، ولذا يصحّ للعبد أن يعتذر : « بأنّي إن عصيتك بالكون في المكان المخصوص فقد أدّيت مطلوبك من الأمر ».
قلت : لا ملازمة بين عدم صحّة العقوبة على الترك مع حصول الغرض وبين كونه من جهة حصول عنوان الإطاعة أو أداء المأمور به ، كما أنّه لا ملازمة بين حصول الغرض وكونه مترتّبا على الإطاعة أو أداء المأمور به بوصفه العنواني ، كما هو الحال في تطهير الثوب إذا حصل بغير فعل المكلّف من فعل المكلّف آخر أو غير مكلّف أو أسباب خارجيّة غير اختياريّة ، فإنّه لا يصحّ العقوبة على الترك في هذه الصور أيضا مع أنّه لم يقل أحد بحصول الإطاعة ولا أداء المأمور به.
والسرّ في عدم صحّة العقوبة في ذلك ونظرائه : أنّ الأمر فيها ليس إلاّ توصّليّا قصد به غرض يحصل بغير طريق الإطاعة والأداء ومع حصوله سقط الأمر لئلاّ يفضي بقاؤه إلى طلب الحاصل ، ومع سقوطه يقبح العقوبة على عدم الموافقة ، فدعوى كون عدم صحّتها في المقام من جهة الإطاعة أو حصول أداء المأمور به غير مسموعة.
(١) * واعلم أنّ كثيرا من فقرات العبارة من البداية إلى النهاية عندنا محلّ مناقشة كما يظهر وجهها بالتأمّل في كلماتنا السابقة.
والتحقيق في الجواب ما قرّرناه في تتميم الاستدلال بالوجه الأوّل ، وكذلك الكلام في الجواب عن فقرات كلام بعض الأعلام قد تقدّم ، وقد صار المحصّل : أنّه لا مفرّ لهم عن محذور اجتماع المتضادّين ولا يجديهم في التفصيّ عنه شيء ممّا ارتكبوه من التكلّفات والتمحّلات.
وبقي في المقام مطالب بها يتّضح الجواب عن استدلالهم بطريق النقض.
المطلب الأوّل
في تحقيق الحال في العبادات المكروهة
وهي العبادات الواجبة أو المندوبة الّتي نهي عنها بالنهي التنزيهي وهي على أنواع ، إذ